نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 2 صفحه : 265
عليه السلام
فإذا فهم معنى العين والجهة فأقول
الذى يصح عندنا في الفتوى أن المطلوب العين إن كانت الكعبة مما يمكن رؤيتها وإن كان يحتاج إلى الاستدلال عليها لتعذر رؤيتها فيكفي استقبال الجهة
فأما طلب العين عند المشاهدة فمجمع عليه
وأما الاكتفاء بالجهة عند تعذر المعاينة فيدل عليه الكتاب والسنة وفعل الصحابة رضي الله عنهم والقياس
أما الكتاب فقوله تعالى وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره أي نحوه
ومن قابل جهة الكعبة يقال قد ولى وجهه شطرها
وأما السنة فما روي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال لأهل المدينة ما بين المغرب والمشرق قبلة (1)
والمغرب يقع على يمين أهل المدينة والمشرق على يسارهم
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع ما يقع بينهما قبلة ومساحة الكعبة لا تفي بما بين المشرق والمغرب وإنما يفى بذلك جهتها
وروى هذا اللفظ أيضا عن عمر وابنه رضى الله عنهما
وأما فعل الصحابة رضي الله عنهم فما روى أن مسجد قباء كانوا فى صلاة الصبح بالمدينة مستقبلين لبيت المقدس مستدبرين الكعبة لأن المدينة بينهما فقيل لهم الآن قد حولت القبلة إلى الكعبة
فاستداروا في أثناء الصلاة من غير طلب دلالة (2)
ولم ينكر عليهم
وسمي مسجدهم ذا القبلتين ومقابلة العين من المدينة إلى مكة لا تعرف إلا بأدلة هندسية يطول النظر فيها فكيف أدركوا ذلك على البديهة في أثناء الصلاة وفي ظلمة الليل ويدل أيضا من فعلهم أنهم بنوا المساجد حوالي مكة وفي سائر بلاد الإسلام ولم يحضروا قط مهندسا عند تسوية المحاريب ومقابلة العين لا تدرك إلا بدقيق النظر الهندسي
وأما القياس فهو أن الحاجة تمس إلى الاستقبال وبناء المساجد في جميع أقطار الأرض ولا يمكن مقابلة العين إلا بعلوم هندسية لم يرد الشرع بالنظر فيها بل ربما يزجر عن التعمق في علمها فكيف ينبنى أمر الشرع عليها فيجب الاكتفاء بالجهة للضرورة
وأما دليل صحة الصورة التى صورناها وهو حصر جهات العالم في أربع جهات فقوله صلى الله عليه وسلم فى آداب قضاء الحاجة لا تستقبلوا بها القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا (3)
وقال
هذا بالمدينة والمشرق على يسار المستقبل بها والمغرب على يمينه فنهى عن جهتين ورخص فى جهتين
ومجموع ذلك أربع جهات
ولم يخطر ببال أحد أن جهات العالم يمكن أن تفرض في ست أو سبع أو عشر
وكيفما كان فما حكم الباقي بل الجهات تثبت في الاعتقادات بناء على خلقه الإنسان وليس له إلا أربع جهات قدام وخلف ويمين وشمال فكانت الجهات بالإضافة الى الإنسان في ظاهر النظر أربعاً
والشرع لا يبنى إلا على مثل هذه الإعتقادات فظهر أن المطلوب الجهة وذلك يسهل أمر الإجتهاد فيها وتعلم به أداة القبلة
فأما مقابلة العين فإنها تعرف بمعرفة مقدار عرض مكة عن خط الإستواء ومقدار درجات طولها وهو بعدها عن أول عمارة في المشرق
ثم يعرف ذلك أيضاً في موقف المصلي ثم يقابل أحدهما بالآخر
ويحتاج فيه الى آلات وأسباب طويلة والشرع غير مبني عليها قطعاً
فإذن القدر الذي
(1) حديث ما بين المشرق والمغرب قبلة أخرجه الترمذي وصححه والنسائي وقال منكر وابن ماجه من حديث أبي هريرة
(2) حديث إن أهل قباء كانوا في صلاة الصبح مستقبلين لبيت المقدس فقيل لهم ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة فاستداروا الحديث أخرجه مسلم من حديث أنس واتفقا عليه من حديث ابن عمر مع اختلاف
(3) حديث لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا متفق عليه من حديث أبي أيوب
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 2 صفحه : 265