نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 2 صفحه : 171
في طلب القوت ومنها الاستعانة في المهمات فيكون عدة في المصائب وقوة في الأحوال ومنها التبرك بمجرد الدعاء ومنها انتظار الشفاعة في الآخرة فقد قال السلف استكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة فلعلك تدخل في شفاعة أخيك
وروي في غريب التفسير في قوله تعالى {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله} قال يشفعهم في إخوانهم فيدخلهم الجنة معهم
ويقال إذا غفر الله للعبد شفع في إخوانه ولذلك حث جماعة من السلف على الصحبة والألفة والمخالطة وكرهوا العزلة والانفراد فهذه فوائد تستدعي كل فائدة شروطاً لا تحصل إلا بها ونحن نفصلها أما على الجملة فينبغي أن يكون فيمن تؤثر صحبته خمس خصال أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا حَسَنَ الْخُلُقِ غَيْرَ فَاسِقٍ ولا مبتدع وَلَا حَرِيصٍ عَلَى الدُّنْيَا
أَمَّا الْعَقْلُ فَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ وَهُوَ الْأَصْلُ فَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ الْأَحْمَقِ فَإِلَى الْوَحْشَةِ وَالْقَطِيعَةِ تَرْجِعُ عَاقِبَتُهَا وإن طالت
قال علي رضي الله عنه
فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه ... فكم من جاهل أردى حليماً حين آخاه
يقاس المرء بالمرء إذا ما المرء ما شاه ... وللشيء من الشيء مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب ... دليل حين يلقاه
كيف والأحمق قد يضرك وهو يريد نفعك وإعانتك من حيث لا يدري ولذلك قال الشاعر
إني لآمن من عدو عاقل ... وأخاف خلاً يعتريه جنون
فالعقل فن واحد وطريقه ... أدرى فأرصد والجنون فنون
ولذلك قيل مقاطعة الأحمق قربان إلى الله
وقال الثوري النظر إلى وجه الأحمق خطيئة مكتوبة ونعني بالعاقل الذي يفهم الأمور على ما هي عليه إما بنفسه وإما إذا فهم
وأما حسن الخلق فلا بد منه إذ رب عاقل يدرك الأشياء على ما هي عليه ولكن إذا غَلَبَهُ غَضَبٌ أَوْ شَهْوَةٌ أَوْ بُخْلٌ أَوْ جبن أطاع هواه وخالف ما هو المعلوم عنده لعجزه عن قهر صفاته وتقويم أخلاقه فَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَتِهِ
وَأَمَّا الْفَاسِقُ الْمُصِرُّ على الفسق فلا فائدة في صحبته لأن من يخاف الله لا يصر على كبيرة ومن لَا يَخَافُ اللَّهَ لَا تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُ وَلَا يوثق بصداقته بل يتغير بتغير الأغراض
وقال تَعَالَى {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذكرنا واتبع هواه} وقال تعالى {فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه} وقال تعالى فأعرض عمن تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدنيا وقال {واتبع سبيل من أناب إلي} وفي مفهوم ذلك زجر عن الفاسق
وأما المبتدع ففي صحبته خطر سراية البدعة وتعدي شؤمها إليه فالمبتدع مستحق للهجر والمقاطعة فكيف تؤثر صحبته وقد قال عمر رضي الله عنه في الحث على طلب التدين في الصديق فيما رواه سعيد بن المسيب قال عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك ما يغلبك منه واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا الأمين من القوم ولا أمين إلا من خشي الله فلا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره ولا تطعه على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله تعالى
وأما حسن الخلق فقد جمعه علقمة العطاردي في وصيته لابنه حين حضرته الوفاة قال يَا بُنَيَّ إِذَا عَرَضَتْ لَكَ إِلَى صُحْبَةِ الرِّجَالِ حَاجَةٌ فَاصْحَبْ مَنْ إِذَا خَدَمْتَهُ صَانَكَ وإن صحبته زانك وإن قعدت بك مؤنة مانك اصحب مَنْ إِذَا مَدَدْتَ يَدَكَ بِخَيْرٍ مَدَّهَا وَإِنْ رَأَى مِنْكَ حَسَنَةً عَدَّهَا وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً سَدَّهَا اصْحَبْ مَنْ إِذَا سَأَلْتَهُ أَعْطَاكَ وَإِنْ سَكَتَّ ابْتَدَاكَ وَإِنْ نَزَلَتْ بِكَ نَازِلَةٌ وَاسَاكَ اصْحَبْ مَنْ إِذَا قُلْتَ صَدَّقَ قَوْلَكَ وَإِنْ حاولتما أمراً أمرك وإن تنازعتما آثرك فكأنه جمع بهذا جميع حقوق الصحبة وشرط أن يكون قائماً بجميعها
قال ابن أكثم قال المأمون فأبن هذا فقيل له أتدري لم أوصاه بذلك
قال
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 2 صفحه : 171