نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 2 صفحه : 166
ومن أحب ملكاً أو شخصاً جميلاً أحب خواصه وخدمه وأحب من أحبه إِلَّا أَنَّهُ يُمْتَحَنُ الْحُبُّ بِالْمُقَابَلَةِ بِحُظُوظِ النَّفْسِ وقد يغلب بحيث لا يبقى لنفس حظ إلا فيما هو حظ المحبوب وعنه عبر قول من قال
أريد وصاله ويريد هجري ... فأترك ما أريد لما يريد
وقول من قال وما لجرح إذا أرضاكم ألم وَقَدْ يَكُونُ الْحُبُّ بِحَيْثُ يُتْرَكُ بِهِ بَعْضُ الحظوظ دون بعض كمن تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِأَنْ يُشَاطِرَ مَحْبُوبَهُ فِي نِصْفِ مَالِهِ أَوْ فِي ثُلُثِهِ أَوْ فِي عُشْرِهِ فمقادير الأموال موازين المحبة إذ لا تعرف دَرَجَةُ الْمَحْبُوبِ إِلَّا بِمَحْبُوبٍ يُتْرَكُ فِي مُقَابَلَتِهِ فَمَنِ اسْتَغْرَقَ الْحُبُّ جَمِيعَ قَلْبِهِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَحْبُوبٌ سِوَاهُ فَلَا يُمْسِكُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فإنه لم يترك لنفسه أهلاً ولا مالاً فسلم ابْنَتَهُ الَّتِي هِيَ قُرَّةُ عَيْنِهِ وَبَذَلَ جَمِيعَ ماله
قال ابن عمر رضي الله عنهما بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خللها على صدره بخلال إذ نزل جبريل عليه السلام فأقرأه عن الله السلام وقال له يا رسول الله مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خللها على صدره بخلال فقال أنفق ماله علي قبل الفتح قال فأقره من الله السلام وقل له يقول لك ربك أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط قال فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر وقال يا أبا بكر هذا جبريل يقرئك السلام من الله ويقول أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط قال فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال أعلى ربي أسخط أنا عن ربي راض (1)
فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحَبَّ عَالِمًا أَوْ عَابِدًا أَوْ أَحَبَّ شَخْصًا رَاغِبًا في علم أَوْ فِي خَيْرٍ فَإِنَّمَا أَحَبَّهُ فِي اللَّهِ ولله وله فيه من الأجر والثواب بقدر قوة حبه فهذا شرح الحب في الله ودرجاته وبهذا يتضح البغض في الله أيضاً ولكن نزيده بياناً
بَيَانُ الْبُغْضِ فِي اللَّهِ
اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحِبُّ فِي اللَّهِ لَا بُدَّ أَنْ يُبْغِضَ فِي اللَّهِ فَإِنَّكَ إِنْ أَحْبَبْتَ إِنْسَانًا لِأَنَّهُ مُطِيعٌ لِلَّهِ وَمَحْبُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ عَصَاهُ فَلَا بُدَّ أَنْ تُبْغِضَهُ لِأَنَّهُ عَاصٍ لله وممقوت عند الله ومن أحب بسبب فبالضرورة يبغض لضده وهذان متلازمان لا ينفصل أحدهما عن الآخر وهو مطرد في الحب والبغض في العادات ولكن كل واحد من الحب والبغض داء دفين في القلب وإنما يترشح عند الغلبة ويترشح بظهور أفعال المحبين والمبغضين في المقاربة والمباعدة وفي المخالفة والموافقة فإذا ظهر في الفعل سمي موالاة ومعاداة ولذلك قال الله تعالى هل واليت في ولياً وهل عاديت في عدواً كما نقلناه وهذا واضح في حق من لم يظهر لك إلا طاعاته تقدر على أن تحبه أو لم يظهر لك إلا فسقه وفجوره وأخلاقه المسيئة فتقدر على أن تبغضه وإنما المشكل إذا اختلطت الطاعات بالمعاصي فإنك تقول كيف أجمع بين البغض والمحبة وهما متناقضان وكذلك تتناقض ثمرتهما من الموافقة والمخالفة والموالاة والمعاداة وأقول ذلك غير متناقض في حق الله تعالى كما لا يتناقض في الحظوظ البشرية فإنه مهما اجتمع في شخص واحد خصال يحب بعضها ويكره بعضها فإنك تحبه من وجه وتبغضه من وجه فمن زوجة حسناء فاجرة أو ولد ذكي خدوم ولكنه فاسق فإنه يحبه من وجه ويبغضه من وجه ويكون معه على حالة بين حالتين إذ لو فرض له ثلاثة أولاد أحدهم ذكي بار والآخر بليد عاق والآخر بليد بار أو ذكي عاق فإنه يصادف نفسه معهم على ثلاثة أحوال متفاوتة بحسب تفاوت خصالهم فكذلك ينبغي أن تكون حالك بالإضافة إلى من غلب عليه الفجور ومن غلبت
(1) حديث ابن عمر بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خللها على صدره بخلال فنزل جبريل فأقرأه من ربه السلام الحديث أخرجه ابن حبان والعقيلي في الضعفاء قال الذهبي في الميزان هو كذب
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 2 صفحه : 166