responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 70
أن تجعلونا جسراً تعبرون علينا إلى جهنم
وقال أبو حفص النيسابوري العالم هو الذي يخاف عند السؤال أن يقال له يوم القيامة من أين أجبت وكان إبراهيم التيمي إذا سئل عن مسئلة يبكي ويقول لم تجدوا غيري حتى احتجتم إلي
وكان أبو العالية الرياحي وإبراهيم بن أدهم والثوري يتكلمون على الاثنين والثلاثة والنفر اليسير فإذا كثروا انصرفوا
وقال صلى الله عليه وسلم ما أدري أعزير نبي أم لا وما أدري أتبع ملعون أم لا وما أدري ذو القرنين نبي أم لا [1] ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خير البقاع في الأرض وشرها قال لا أدري حتى نزل عليه جبريل عليه السلام فسأله فقال لا أدري إلى أن أعلمه الله عز وجل أن خير البقاع المساجد وشرها الأسواق [2] وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسئل عن عشر مسائل فيجيب عن واحدة ويسكت عن تسع وكان ابن عباس رضي الله عنهما يجيب عن تسع ويسكت عن واحدة
وكان في الفقهاء من يقول لا أدري أكثر مما يقول أدري منهم سفيان الثوري ومالك بن أنس وأحمد بن حنبل والفضيل ابن عياض وبشر بن الحرث
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى أدركت في هذا المسجد مائة وعشرين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ما منهم أحد يسئل عن حديث أو فتيا إلا ود أن أخاه كفاه ذلك
وفي لفظ آخر كانت المسئلة تعرض على أحدهم فيردها إلى الآخر ويردها الآخر إلى الآخر حتى تعود إلى الأول وروي أن أصحاب الصفة أهدى إلى واحد منهم رأس مشوي وهو في غاية الضر فأهداه إلى الآخر وأهداه الآخر إلى الآخر هكذا دار بينهم حتى رجع إلى الأول
فانظر الآن كيف انعكس أمر العلماء فصار المهروب منه مطلوباً والمطلوب مهروباً عنه ويشهد لحسن الاحتراز من تقلد الفتاوي ما روي مسنداً عن بعضهم أنه قال لايفتى الناس إلا ثلاثة أمير أو مأمور أو متكلف
وقال بعضهم كان الصحابة يتدافعون أربعة أشياء الإمامة والوصية والوديعة والفتيا
وقال بعضهم كان أسرعهم إلى الفتيا أقلهم علماً وأشدهم دفعاً لها أورعهم
وكان شغل الصحابة والتابعين رضي الله عنهم في خمسة أشياء قراءة القرآن وعمارة المساجد وذكر الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك لما سمعوه من قوله صلى الله عليه وسلم كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا ثلاثة أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله تعالى [3] وَقَالَ تَعَالَى لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أو إصلاح بين الناس الآية
ورأى بعض العلماء بعض أصحاب الرأي من أهل الكوفة في المنام فقال ما رأيت فيما كنت عليه من الفتيا والرأي فكره وجهه وأعرض عنه وقال ما وجدناه شيئاً وما حمدنا عافيته
وقال ابن حصين إن أحدهم ليفتي في مسئلة لو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر
فلم يزل السكوت دأب أهل العلم إلا عند الضرورة
وفي الحديث إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتاً وزهداً فاقتربوا منه فإنه يلقن الحكمة [4] وقيل العالم إما عالم عامة وهو المفتي وهم أصحاب السلاطين أو عالم خاصة وهو العالم بالتوحيد وأعمال القلوب وهم أصحاب الزوايا المتفرقون المنفردون
وكان يقال مثل أحمد بن حنبل مثل دجلة كل أحد يغترف منها ومثل بشر بن الحرث مثل بئر عذبة مغطاة لا يقصدها إلا واحد بعد واحد
وكانوا يقولون فلان عالم

[1] حديث ما أدري أعزير نبي أم لا الحديث أخرجه أبو داود والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة
[2] حديث لما سئل عن خير البقاع وشرها قال لا أدري حتى نزل جبريل الحديث أخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار والحاكم وصححه ونحوه من حديث ابن عمر
[3] حديث كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا ثلاثة الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أم حبيبة قال الترمذي حديث غريب
[4] حديث إن رأيتم الرجل قد أوتي صمتا وزهدا الحديث أخرجه ابن ماجه من حديث ابن خلاد بإسناد ضعيف
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست