نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 208
أحدها التوقي من مضاهاة عبدة الشمس
والثاني الاحتراز من انتشار الشياطين إذ قال صلى الله عليه وسلم إن الشمس لتطلع ومعها قرن الشيطان فإذا طلعت قارنها وإذا ارتفعت فارقها فإن استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا تضيفت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها [1] ونهى عن الصلوات في هذه الأوقات ونبه به على العلة
والثالث أن سالكي طريق الآخرة لا يزالون يواظبون على الصلوات في جميع الأوقات
والمواظبة على نمط واحد من العبادات يورث الملل
ومهما منع منها ساعة زاد النشاط وانبعثت الدواعي والإنسان حريص على ما منع منه فَفِي تَعْطِيلِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ زِيَادَةُ تَحْرِيضٍ وَبَعْثٍ على انتظار انقضاء الوقت فخصصت هذه الأوقات بالتسبيح والاستغفار حذراً من الملل بالمداومة وتفرجاً بالانتقال من نوع عبادة إلى نوع آخر
ففي الاستطراف والاستجداد لذة ونشاط وفي الاستمرار على شيء واحد استثقال وملالا ولذلك لم تكن الصلاة سجوداً مجرداً ولا ركوعاً مجرداً ولا قياماً مجرداً بل رتبت العبادات من أعمال مختلفة وأذكار متباينة فإن القلب يدرك من كل عمل منهما لذة جديدة عند الانتقال إليها ولو واظب على الشيء الواحد لتسارع إليه الملل
فإذا كانت هذه أموراً مهمة في النهي عن ارتكاب أوقات الكراهة إلى غير ذلك من أسرار أخرى ليس في قوة البشر الاطلاع عليها والله ورسوله أعلم بها
فهذه المهمات لا تترك إلا بأسباب مهمة في الشرع مثل قضاء الصلوات وصلاة الاستسقاء والخسوف وتحية المسجد
فأما ما ضعف عنها فلا ينبغي أن يصادم به مقصود النهي
هذا هو الأوجه عندنا والله أعلم
كمل كتاب أسرار الصلاة من كتاب إحياء علوم الدين
يتلوه إن شاء الله كتاب أسرار الزكاة بحمد الله وعونه وحسن توفيقه
والحمد لله وحده وصلاته على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
كتاب أسرار الزكاة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أسعد وأشقى وأمات وأحيا وأضحك وأبكى وأوجد وأفنى وأفقر وأغنى وأضر وأقنى الذي خلق الحيوان من نطفة تمنى ثم تفرد عن الخلق بوصف الغنى ثم خصص بعض عباده بالحسنى فأفاض عليهم من نعمة ما أيسر به من شاء واستغنى وأحوج إليه من أخفق في رزقه وأكدى إظهاراً للامتحان والابتلا
ثم جعل الزكاة للدين أساساً ومبنى وبين أن بفضله تزكى من عباده من تزكى ومن غناه زكى ماله من زكى والصلاة على محمد المصطفى سيد الورى وشمس الهدى وعلى آله واصحابه المخصوصين بالعلم والتقى
أما بعد فإن الله تعالى جعل الزكاة إحدى مَبَانِي الْإِسْلَامِ وَأَرْدَفَ بِذِكْرِهَا الصَّلَاةَ الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْأَعْلَامِ فَقَالَ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزكاة} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وإيتاء الزكاة [2] وَشَدَّدَ الْوَعِيدَ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ فِيهَا فَقَالَ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فبشرهم بعذاب أليم} ومعنى الإنفاق في سبيل الله إخراج حق الزكاة قال [1] حديث إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا طلعت قارنها الحديث أخرجه النسائي من حديث عبد الله الصنابحي وهو مرسل ومالك هو الذي يقول عبد الله الصنابحي ووهم فيه والصواب عبد الرحمن ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم [2] حديث بني الإسلام على خمس أخرجاه من حديث ابن عمر
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 208