نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 167
عَنْ أَنْ تَحُدَّهُ الْجِهَاتُ حَتَّى تُقْبِلَ بِوَجْهِ بَدَنِكَ عَلَيْهِ
وَإِنَّمَا وَجْهُ الْقَلْبِ هُوَ الَّذِي تَتَوَجَّهُ بِهِ إِلَى فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْظُرْ إليه أمتوجه هو إلى أمانيه وهمه في البيت والسوق ومتبع للشهوات أو مقبل على فاطر السموات وَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ أَوَّلُ مُفَاتَحَتِكَ لِلْمُنَاجَاةِ بِالْكَذِبِ والاختلاق
وَلَنْ يَنْصَرِفَ الْوَجْهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا بِانْصِرَافِهِ عَمَّا سِوَاهُ فَاجْتَهِدْ فِي الْحَالِ فِي صَرْفِهِ إِلَيْهِ وَإِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ عَلَى الدَّوَامِ فَلْيَكُنْ قَوْلُكَ فِي الْحَالِ صَادِقًا
وَإِذَا قُلْتَ حَنِيفًا مُسْلِمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْطُرَ بِبَالِكَ أَنَّ الْمُسْلِمَ هُوَ الَّذِي سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كُنْتَ كَاذِبًا فَاجْتَهِدْ فِي أَنْ تَعْزِمَ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَتَنْدَمَ عَلَى مَا سَبَقَ مِنَ الْأَحْوَالِ
وَإِذَا قُلْتَ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَخْطِرْ بِبَالِكَ الشرك الخفي فإن قوله تعالى فمن كان يرجو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بعبادة ربه أحداً نزل فيمن يقصد بعبادته وجه الله وحمد الناس وكن حذراً مشفقاً مِنْ هَذَا الشِّرْكِ وَاسْتَشْعِرِ الْخَجْلَةَ فِي قَلْبِكَ إِنْ وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِأَنَّكَ لَسْتَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ غَيْرِ بَرَاءَةٍ عَنْ هَذَا الشِّرْكِ فَإِنَّ اسْمَ الشِّرْكِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْهُ
وَإِذَا قُلْتَ مَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ فَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا حَالُ عَبْدٍ مَفْقُودٍ لِنَفْسِهِ مَوْجُودٌ لِسَيِّدِهِ وَأَنَّهُ إِنْ صَدَرَ مِمَّنْ رِضَاهُ وَغَضَبُهُ وَقِيَامُهُ وَقُعُودُهُ وَرَغْبَتُهُ فِي الْحَيَاةِ وَرَهْبَتُهُ مِنَ الْمَوْتِ لِأُمُورِ الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ مُلَائِمًا لِلْحَالِ
وَإِذَا قُلْتَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ عَدُوُّكَ وَمُتَرَصِّدٌ لِصَرْفِ قَلْبِكَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَسَدًا لَكَ عَلَى مُنَاجَاتِكَ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُجُودِكَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لعن بسبب سجدة واحدة تركها ولم يوفق لها وَأَنَّ اسْتِعَاذَتَكَ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنْهُ بِتَرْكِ مَا يُحِبُّهُ وَتَبْدِيلِهِ بِمَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِكَ فَإِنَّ مَنْ قَصَدَهُ سَبُعٌ أو عدو ليفترسه أو يقتله فقال أعوذ منك بذلك الحصن الحصين وهو ثابت على مكانه فإن ذلك لا ينفعه بل لا يعيذه إلا تبديل الْمَكَانِ فَكَذَلِكَ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّهَوَاتِ الَّتِي هِيَ مَحَابُّ الشَّيْطَانِ وَمَكَارِهُ الرَّحْمَنِ فَلَا يُغْنِيهِ مُجَرَّدُ القول فليقترن قوله بالعزم على التعوذ بحصن الله عز وجل عن شر الشيطان وحصنه لا إله إلا الله إذ قال عز وجل فيما أخبر عنه نبينا صلى الله عليه وسلم لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي [1] والمتحصن به لا معبود له سوى الله سبحانه فأما من اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ فَهُوَ فِي مَيْدَانِ الشَّيْطَانِ لا في حصن الله عز وجل
وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ مَكَايِدِهِ أَنْ يَشْغَلَكَ فِي صَلَاتِكَ بِذِكْرِ الْآخِرَةِ وَتَدْبِيرِ فِعْلِ الْخَيْرَاتِ لِيَمْنَعَكَ عَنْ فَهْمِ مَا تَقْرَأُ
فَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا يَشْغَلُكَ عَنْ فَهْمِ مَعَانِي قِرَاءَتِكَ فَهُوَ وَسْوَاسٌ فَإِنَّ حَرَكَةَ اللِّسَانِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بَلِ المقصود معانيها فأما القراءة فالناس فيها ثلاثة رجل يتحرك لسانه وقلبه غافل ورجل يتحرك لسانه وقلبه يتبع اللسان فيفهم ويسمع منه كأنه يسمعه من غيره وهي درجات أصحاب اليمين ورجل يسبق قلبه إلى المعاني أولاً ثم يخدم اللسان القلب فيترجمه
ففرق بين أن يكون اللسان ترجمان القلب أو يكون معلم القلب والمقربون لسانهم ترجمان يتبع القلب ولا يتبعه القلب
وتفصيل ترجمة المعاني أنك إذا قُلْتَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَانْوِ بِهِ التَّبَرُّكَ لِابْتِدَاءِ الْقِرَاءَةِ لِكَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَافْهَمْ أن الأمور كلها بالله سبحانه
وأن المراد بالاسم ههنا هو المسمى
وإذا كانت الأمور بالله سبحانه فلا جرم كان الحمد لله وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشُّكْرَ لِلَّهِ إِذِ النِّعَمُ مِنَ اللَّهِ
وَمَنْ يَرَى مِنْ غَيْرِ اللَّهِ نِعْمَةً أو يقصد غير الله سبحانه بشكر لَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مُسَخَّرٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَفِي تَسْمِيَتِهِ وَتَحْمِيدِهِ نُقْصَانٌ بِقَدْرِ الْتِفَاتِهِ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى
فَإِذَا قُلْتَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَأَحْضِرْ فِي قَلْبِكَ جَمِيعَ أَنْوَاعِ لطفه لتتضح لك رحمته فينبعث بها رَجَاؤُكَ
ثُمَّ اسْتَثِرْ مِنْ قَلْبِكَ التَّعْظِيمَ وَالْخَوْفَ بِقَوْلِكَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ أَمَّا الْعَظَمَةُ فَلِأَنَّهُ لا ملك إلا له [1] حديث قال الله تعالى لا إله إلا الله حصني أخرجه الحاكم في التاريخ وأبو نعيم في الحلية من طريق أهل البيت من حديث علي بإسناد ضعيف جدا وقول أبي منصور الديلمي إنه حديث ثابت مردود عليه
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 167