responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 244
فَإِذَا جَازَ اتِّفَاقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَفِيهِمُ الْأَحْبَارُ وَالرُّهْبَانُ وَالْقِسِّيسُونَ وَالزُّهَّادُ وَالْعُبَّادُ وَالْفُقَهَاءُ وَمَنْ ذَكَرْتُهُمْ، عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي مَعْبُودِهِمْ وَإِلَهِهِمْ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِهِمْ عِنْدَهُمْ: الْيَدُ الَّتِي خَلَقَتْ آدَمَ هِيَ الَّتِي بَاشَرَتِ الْمَسَامِيرَ وَنَالَتِ الصَّلْبَ، فَكَيْفَ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَكْذِيبِ مَنْ جَاءَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَضْلِيلِهِمْ، وَنَادَى سِرًّا وَجَهْرًا بِكَذِبِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَشَتْمِهِمْ لَهُ أَقْبَحَ شَتْمٍ، وَكَذِبِهِمْ عَلَى الْمَسِيحِ، وَتَبْدِيلِهِمْ دِينَهُ، وَعَادَاهُمْ وَقَاتَلَهُمْ وَبَرَّأَهُمْ مِنَ الْمَسِيحِ، وَبَرَّأَهُ مِنْهُمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ وَقُودُ النَّارِ وَحَصَبُ جَهَنَّمَ؟ فَهَذَا أَحَدُ الْأَسْبَابِ الَّتِي اخْتَارُوا لِأَجْلِهَا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ.
فَقَوْلُكُمْ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ إِنَّهُمْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنَ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا الرِّئَاسَةُ وَالْمَأْكَلَةُ لَا غَيْرَ، كَذِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، بَلْ الرِّئَاسَةُ وَالْمَأْكَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسْبَابِ الْمَانِعَةِ لَهُمْ مِنَ الدُّخُولِ فِي الدِّينِ، وَقَدْ نَاظَرْنَا نَحْنُ وَغَيْرُنَا جَمَاعَةً مِنْهُمْ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لِبَعْضِهِمْ فَسَادُ مَا هُمْ عَلَيْهِ، قَالُوا: لَوْ دَخَلْنَا فِي الْإِسْلَامِ لَكُنَّا مِنْ أَقَلِّ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْبَهُ لَنَا، وَنَحْنُ مُتَحَكِّمُونَ فِي أَهْلِ مِلَّتِنَا فِي أَمْوَالِهِمْ وَمَنَاصِبِهِمْ وَلَنَا بَيْنَهُمْ أَعْظَمُ الْجَاهِ!، وَهَلْ مَنَعَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ مِنَ اتِّبَاعِ مُوسَى إِلَّا ذَلِكَ؟!
وَالْأَسْبَابُ الْمَانِعَةُ مِنْ قَبُولِ الْحَقِّ كَثِيرَةٌ جِدًّا
فَمِنْهَا: الْجَهْلُ بِهِ، وَهَذَا السَّبَبُ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى أَكْثَرِ النُّفُوسِ، فَإِنَّ مَنْ جَهِلَ شَيْئًا عَادَاهُ وَعَادَى أَهْلَهُ، فَإِنِ انْضَافَ إِلَى هَذَا السَّبَبِ بُغْضُ مَنْ أَمَرَهُ بِالْحَقِّ وَمُعَادَاتُهُ لَهُ وَحَسَدُهُ كَانَ الْمَانِعُ مِنَ الْقَبُولِ أَقْوَى، فَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ إِلْفُهُ وَعَادَتُهُ وَمُرَبَّاهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ وَيُعَظِّمُهُ قَوِيَ الْمَانِعُ، فَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ تَوَهُّمُهُ أَنَّ الْحَقَّ الَّذِي دُعِيَ إِلَيْهِ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَاهِهِ وَعِزِّهِ وَشَهَوَاتِهِ وَأَغْرَاضِهِ قَوِيَ الْمَانِعُ مِنَ الْقَبُولِ جِدًّا.

نام کتاب : هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست