responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 77
{يَسْتَوِي هُوَ وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ وَهُوَ على صِرَاط مُسْتَقِيم} يَعْنِي إِذا كَانَ لَا يَسْتَوِي عنْدكُمْ عبد مَمْلُوك لَا يقدر على شَيْء وغني موسع عَلَيْهِ ينْفق مِمَّا رزقه الله فَكيف تَجْعَلُونَ الصَّنَم الَّذِي هُوَ أَسْوَأ حَالا من هَذَا العَبْد شَرِيكا لله وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ لَا يَسْتَوِي عنْدكُمْ رجلَانِ أَحدهمَا أبكم لَا يعقل وَلَا ينْطق وَهُوَ مَعَ ذَلِك عَاجز لَا يقدر على شَيْء وَآخر على طَرِيق مُسْتَقِيم فِي أَقْوَاله وأفعاله وَهُوَ آمُر بِالْعَدْلِ عَامل بِهِ لِأَنَّهُ على صِرَاط مُسْتَقِيم فَكيف تسوون بَين الله وَبَين الصَّنَم فِي الْعِبَادَة ونظائر ذَلِك كَثِيرَة فِي الْقُرْآن وَفِي الحَدِيث كَقَوْلِه فِي حَدِيث الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ وان الله أَمركُم أَن تَعْبُدُوهُ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وان مثل من أشرك كَمثل رجل اشْترى عبدا من خَالص مَاله وَقَالَ لَهُ اعْمَلْ وأد إِلَى فَكَانَ يعْمل وَيُؤَدِّي إِلَى غَيره فَأَيكُمْ يحب أَن يكون عَبده كَذَلِك فَالله سُبْحَانَهُ لَا تضرب الْأَمْثَال الَّتِي يشْتَرك هُوَ وخلقه فِيهَا لَا شمولا وَلَا تمثيلا وانما يسْتَعْمل فِي حَقه قِيَاس الأولى كَمَا تقدم
الْوَجْه الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ أَن النفاة إِنَّمَا ردوا على خصومهم من الْجَهْمِية الْمُعْتَزلَة فِي إِنْكَار الصِّفَات بِقِيَاس الْغَائِب على الشَّاهِد فَقَالُوا الْعَالم شَاهدا من لَهُ الْعلم والمتكلم من قَامَ بِهِ الْكَلَام والحي والمريد والقادر من قَامَ بِهِ الْحَيَاة والإرادة وَالْقُدْرَة وَلَا يعقل إِلَّا هَذَا قَالُوا وَلِأَن شَرط إِطْلَاق الِاسْم شَاهدا وجود هَذِه الصِّفَات وَلَا يسْتَحق الِاسْم فِي الشَّاهِد إِلَّا من قَامَت بِهِ فَكَذَلِك فِي الْغَائِب قَالُوا وَلِأَن شَرط الْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة فِي الشَّاهِد الْحَيَاة فَكَذَلِك فِي الْغَائِب قَالُوا وَلِأَن علم كَون الْعَالم عَالما شَاهدا وجود الْعلم وقيامه بِهِ فَكَذَلِك فِي الْغَائِب فَقَالُوا بِقِيَاس الْغَائِب على الشَّاهِد فِي الْعلَّة وَالشّرط وَالِاسْم وَالْحَد فَقَالُوا حد الْعَالم شَاهدا من قَامَ بِهِ الْعلم فَكَذَلِك غَائِبا وَشرط صِحَة إِطْلَاق الِاسْم عَلَيْهِ شَاهدا قيام الْعلم بِهِ فَكَذَلِك غَائِبا وَعَلِيهِ كَونه عَالما شَاهدا قيام الْعلم بِهِ فَكَذَلِك غَائِبا فَكيف تنكرون هُنَا قِيَاس الْغَائِب على الشَّاهِد وتحتجون بِهِ فِي مَوَاضِع أُخْرَى فَأَي تنَاقض أَكثر من هَذَا فان كَانَ قِيَاس الْغَائِب على الشَّاهِد بَاطِلا بَطل احتجاجكم علينا بِهِ فِي هَذِه الْمَوَاضِع وان كَانَ صَحِيحا بَطل ردكم فِي هَذَا الْموضع فَأَما أَن يكون صَحِيحا إِذا استدللتم بِهِ بَاطِلا إِذا اسْتدلَّ بِهِ خصومكم فَهَذَا أقبح التطفيف وقبحه ثَابت بِالْعقلِ وَالشَّرْع
الْوَجْه السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ قَوْلكُم أَن الله خلى بَين الْعباد وظلم بَعضهم بَعْضًا وَأَن ذَلِك لَيْسَ بقبيح مِنْهُ فانه قَبِيح منا فَذَلِك فَاسد على أصل التَّكْلِيف فان التَّكْلِيف إِنَّمَا يتم بِإِعْطَاء الْقُدْرَة وَالِاخْتِيَار وَالله تَعَالَى قد أقدر عباده على الطَّاعَات والمعاصي وَالصَّلَاح وَالْفساد وَهَذَا الأقدار هُوَ منَاط الشَّرْع وَالْأَمر وَالنَّهْي فلولاه لم يكن شرع وَلَا رِسَالَة وَلَا ثَوَاب وَلَا عِقَاب وَكَانَ النَّاس بِمَنْزِلَة الجمادات وَالْأَشْجَار والنبات فَلَو حَال سُبْحَانَهُ بَين الْعباد وَبَين الْقُدْرَة على الْمعاصِي لارتفع الشَّرْع والرسالة والتكليف وانتفت فَوَائِد الْبعْثَة وَلزِمَ من ذَلِك لَوَازِم لَا يُحِبهَا الله وتعطلت

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست