responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 290
الموطن مَا اعجبها وَمَا اعظم موقعها كَيفَ جَاءَت فمحقت من نَفسه الدعاوي والرعونات وانواع الاماني الْبَاطِلَة ثمَّ اوجبت لَهُ الْحيَاء والخجل من صَالح مَا عمل ثمَّ اوجبت لَهُ استكثار قَلِيل مَا يرد عَلَيْهِ من ربه لعلمه بِأَن قدره اصغر من ذَلِك وَأَنه لَا يسْتَحقّهُ واستقلال أَمْثَال الْجبَال من عمله الصَّالح بِأَن سيئاته وذنوبه تحْتَاج من المكفرات والماحيات الى أعظم من هَذَا فَهُوَ لَا يزَال محسنا وَعند نَفسه الْمُسِيء المذنب متكسرا ذللا خاضعا لَا يرْتَفع لَهُ رَأس وَلَا ينقام لَهُ صدر وَإِنَّمَا سَاقه إِلَى هَذَا الذل وَالَّذِي اورثه إِيَّاه مُبَاشرَة الذائب فَأَي شَيْء انفع لَهُ من هَذَا الدَّوَاء
لَعَلَّ عتبك مَحْمُود عواقبه ... وَرُبمَا صحت الاجسام بالعلل ونكتة هَذَا الْوَجْه ان العَبْد مَتى شهد صَلَاحه واستقامته شمخ بانفه وتعاظمت نَفسه وَظن انه وَأَنه أَي عَظِيما فَإِذا ابتلى بالذنب تصاغرت اليه نَفسه وذل وخضع وتيقن انه وَأَنه أَي عبدا ذليلا
فصل وَمِنْهَا ان العَبْد يعرف حَقِيقَة نَفسه وَأَنَّهَا الظالمة وان مَا صدر مِنْهَا
من شَرّ فقد صدر من اهله ومعدنه إِذْ الْجَهْل وَالظُّلم منبع الشَّرّ كُله وان كل مَا فِيهَا من خير وَعلم وَهدى وإنابة وتقوى فَهُوَ من رَبهَا تَعَالَى هُوَ الَّذِي زكاها بِهِ وَأَعْطَاهَا إِيَّاه لَا مِنْهَا فَإِذا لم يَشَأْ تَزْكِيَة العَبْد تَركه مَعَ دواعي ظلمه وجهله فَهُوَ تَعَالَى الَّذِي يزكّى من يَشَاء من النُّفُوس فتزكو وَتَأْتِي بأنواع الْخَيْر وَالْبر وَيتْرك تَزْكِيَة من يَشَاء مِنْهَا فتأتي بأنواع الشَّرّ والخبث وَكَانَ من دُعَاء النَّبِي اللَّهُمَّ آتٍ نَفسِي تقوها وزكها انت خير من زكاها انت وَليهَا ومولاها فَإِذا ابتلى الله العَبْد بالذنب عرف نَفسه ونقصها فرتب لَهُ على ذَلِك التَّعْرِيف حكم ومصالح عديدة مِنْهَا انه يانف من نَقصهَا ويجتهد فِي كمالها وَمِنْهَا أَنه يعلم فقرها دَائِما إِلَى من يتولاها ويحفظها وَمِنْهَا انه يستريح ويريح الْعباد من الرعونات والحماقات الَّتِي ادَّعَاهَا اهل الْجَهْل فِي انفسهم من قدم اَوْ اتِّصَال بالقديم اَوْ اتِّحَاد بِهِ اَوْ حُلُول فِيهِ اوغير ذَلِك من المحالات فلولا ان هَؤُلَاءِ غَابَ عَنْهُم شهودهم لنَقص انفسهم وحقيقتها لم يقعوا فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ
فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه سُبْحَانَهُ عَبده سَعَة حلمه وَكَرمه فِي ستره عَلَيْهِ وَأَنه لَو
شَاءَ لعاجله على الذَّنب ولهتكه بَين عباده فَلم يطب لَهُ مَعَهم عَيْش ابدا وَلَكِن جلله بستره غشاه بحلمه وقيض لَهُ من يحفظه وَهُوَ فِي حَالَته تِلْكَ بل كَانَ شَاهدا وَهُوَ يبارزه بِالْمَعَاصِي والاثام وَهُوَ مَعَ ذَلِك يَحْرُسهُ بِعَيْنِه الَّتِي لاتنام وَقد جَاءَ فِي بعض الاثار يَقُول الله تَعَالَى انا الْجواد الْكَرِيم من اعظم مني جودا وكرما عبَادي يبارزونني

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست