responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 248
فَاتِحَة فاها لتبتلعه فَبَيْنَمَا هُوَ يضطرب فِي حِيلَة النجَاة مِنْهَا إِذْ وجد حسكة فِي العش فحملها فالقاها فِي فَم الْحَيَّة فَلم تزل تلتوى حَتَّى مَاتَت
فصل ثمَّ تَأمل احوال النَّحْل وَمَا فِيهَا من العبر والايات فَانْظُر اليها
والى اجتهادها فِي صَنْعَة الْعَسَل وبنائها الْبيُوت المسدسة الَّتِي هِيَ من اتم الاشكال واحسنها استدارة واحكمها صنعا فَإِذا انْضَمَّ بَعْضهَا الى بعض لم يكن بَينهَا فُرْجَة وَلَا خلل كل هَذَا بِغَيْر مقياس وَلَا آله وَلَا بيكار وَتلك من اثر صنع الله وإلهامه إِيَّاهَا وايحائه اليها كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل أَن اتخذي من الْجبَال بُيُوتًا} الى قَوْله {لآيَات لقوم يتفكرون} فَتَأمل كَمَال طاعتها وَحسن ائتمارها لأمر رَبهَا اتَّخذت بيوتها فِي هَذِه الامكنة الثَّلَاثَة فِي الْجبَال الشقفان وَفِي الشّجر وَفِي بيُوت النَّاس حَيْثُ يعرشون أَي بيبنون العروش وَهِي الْبيُوت فَلَا يرى للنحل بَيت غير هَذِه الثَّلَاثَة الْبَتَّةَ وتامل كَيفَ اكثر بيوتها فِي الْجبَال والشقفان وَهُوَ الْبَيْت الْمُقدم فِي الاية ثمَّ فِي الاشجار وَهِي من اكثر بيوتها وَمِمَّا يعرش النَّاس واقل بيوتها بَينهم حَيْثُ يعرشون وَأما فِي الْجبَال وَالشَّجر فبيوت عَظِيمَة يُؤْخَذ مِنْهَا من الْعَسَل الْكثير جدا وتامل كَيفَ اداها حسن الِامْتِثَال الى ان اتَّخذت الْبيُوت اَوْ لَا فَإِذا اسْتَقر لَهَا بَيت خرجت مِنْهُ فرعت وأكلت من الثِّمَار ثمَّ آوت الى بيوتها لَان رَبهَا سُبْحَانَهُ امرها باتخاذ الْبيُوت اولا ثمَّ بالاكل بعد ذَلِك ثمَّ إِذا اكلت سلكت سبل رَبهَا مذللة لَا يستوعز عَلَيْهَا شَيْء ترعى ثمَّ تعود وَمن عَجِيب شَأْنهَا أَن لَهَا اميرا يُسمى اليعسوب لَا يتم لَهَا رواح وَلَا إياب وَلَا عمل وَلَا مرعى إِلَّا بِهِ فَهِيَ مؤتمره لامره سامعة لَهُ مطيعه وَله عَلَيْهَا تَكْلِيف وَأمر وَنهى وَهِي رعية لَهُ منقادة لامره متبعة لرايه يدبرها كَمَا يدبر الْملك امْر رَعيته حَتَّى إِنَّهَا إِذا آوت الا بيوتها وقف على بَاب الْبَيْت فَلَا يدع وَاحِدَة تزاحم الاخرى وَلَا تتقدم عَلَيْهَا فِي العبور بل تعبر بيوتها وَاحِدَة بعد وَاحِدَة بِغَيْر تزاحم وَلَا تصادم وَلَا تراكم كَمَا يفعل الامير إِذا انْتهى بعسكره الى معبر ضيق لَا يجوزه الا وَاحِد وَاحِد وَمن تدبر احوالها وسياساتها وهدايتها واجتماع شملها وانتظام امرها وتدبير ملكهَا وتفويض كل عمل الى وَاحِد مِنْهَا يتعجب مِنْهَا كل الْعجب وَيعلم ان هَذَا لَيْسَ فِي مقدورها وَلَا هُوَ من ذَاتهَا فَإِن هَذِه اعمال محكمَة متقنة فِي غَايَة الاحكام والاتقان فَإِذا نظرت الى الْعَامِل رَأَيْته من أَضْعَف خلق الله أجهله بِنَفسِهِ وبحاله وأعجزه عَن الْقيام بمصلحته فضلا عَمَّا يصدر عَنهُ من الامور العجيبة وَمن عَجِيب امرها ان فِيهَا أميرين لَا يَجْتَمِعَانِ فِي بَيت وَاحِد وَلَا يتأمران على جمع وَاحِد بل إِذا اجْتمع مِنْهَا جندان وأميران قتلوا اُحْدُ الاميرين وقطعوه وَاتَّفَقُوا على الامير الْوَاحِد

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 248
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست