responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 171
وَهَذَا هُوَ من الْمُشَاهدَة والحضور وَلَو كَانَ المُرَاد بِهِ الشَّهَادَة فِي الاخرة اَوْ الدُّنْيَا لما كَانَ لتقييدها بالقاء السّمع معنى اذ يصير الْكَلَام ان فِي ذَلِك لاية لمن كَانَ لَهُ قلب اَوْ القي السّمع حَال كَونه شَاهدا بِمَا مَعَه فِي التَّوْرَاة اَوْ حَال كَونه شَاهدا يَوْم الْقِيَامَة وَلَا ريب ان هَذَا لَيْسَ هُوَ المُرَاد بالاية وايضا فالاية عَامَّة فِي كل من لَهُ قلب والقى السّمع فَكيف يدعى تخصيصها بمؤمني اهل الْكتاب الَّذين عِنْدهم شَهَادَة من كتبهمْ على صفة النَّبِي وَأَيْضًا فالسورة مَكِّيَّة وَالْخطاب فِيهَا لَا يجوز ان يخْتَص بِأَهْل الْكتاب وَلَا سِيمَا مثل هَذَا الْخطاب الَّذِي علق فِيهِ حُصُول مَضْمُون الاية ومقصودها بِالْقَلْبِ الواعي وإلقاء السّمع فَكيف يُقَال هِيَ فِي اهل الْكتاب فَإِن قيل الْمُخْتَص بهم قَوْله وَهُوَ شَهِيد فَهَذَا افسد وافسد لَان قَوْله وَهُوَ شَهِيد يرجع الضَّمِير فِيهِ الى جملَة من تقدم وَهُوَ من لَهُ قلب اَوْ القى السّمع فَكيف يدعى عوده الى شَيْء غَايَته ان يكون بعض الْمَذْكُور اولا وَلَا دلَالَة فِي اللَّفْظ عَلَيْهِ وَأَيْضًا فَإِن الْمَشْهُود بِهِ مَحْذُوف وَلَا دلَالَة فِي اللَّفْظ عَلَيْهِ فَلَو كَانَ المُرَاد بِهِ وَهُوَ شَاهد بِكَذَا لذكر الْمَشْهُود بِهِ إِذْ لَيْسَ فِي اللَّفْظ مَا يدل عَلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَاف مَا إِذا جعل من الشُّهُود وَهُوَ الْحُضُور فَإِنَّهُ لايقتضى مَفْعُولا مشهودا بِهِ ليتم الْكَلَام بِذكرِهِ وَحده وايضا فَإِن الاية تَضَمَّنت تقسيما وترديدا بَين قسمَيْنِ احدهما من كَانَ لَهُ قلب وَالثَّانِي من القى السّمع وَحضر بِقَلْبِه وَلم يغب فَهُوَ حَاضر الْقلب شَاهده لَا غائبه وَهَذَا وَالله اعْلَم سر الاتيان باو دون الْوَاو لِأَن المنتفع بالايات من النَّاس نَوْعَانِ احدهما ذُو الْقلب الواعي الزكي الَّذِي يَكْتَفِي بهدايته بِأَدْنَى تَنْبِيه وَلَا يحْتَاج الى ان يستجلب قلبه ويحضره ويجمعه من مَوَاضِع شتاته بل قلبه واع زكي قَابل للهدى غير معرض عَنهُ فَهَذَا لَا يحْتَاج الا الى وُصُول الْهدى اليه فَقَط لكَمَال استعداه وَصِحَّة فطرته فَإِذا جَاءَهُ الْهدى سارع قلبه الى قبُوله كانه كَانَ مَكْتُوبًا فِيهِ فَهُوَ قد أدْركهُ مُجملا ثمَّ جَاءَ الْهدى بتفصيل مَا شهد قلبه بِصِحَّتِهِ مُجملا وَهَذِه حَال أكمل الْخلق استجابة لدَعْوَة الرُّسُل كَمَا هِيَ حَال الصّديق الاكبر رَضِي الله عَنهُ وَالنَّوْع الثَّانِي من لَيْسَ لَهُ هَذَا الاستعداد وَالْقَبُول فَإِذا ورد عَلَيْهِ الْهدى اصغى اليه بسمعه واحضر قلبه وَجمع فكرته عَلَيْهِ وَعلم صِحَّته وَحسنه بنظره واستدلاله وَهَذِه طَريقَة اكثر المستجيبين وَلَهُم نوع ضرب الامثال وَإِقَامَة الْحجَج وَذكر المعارضات والاجوبة عَنْهَا والاولون هم الَّذين يدعونَ بالحكمة وَهَؤُلَاء يدعونَ بِالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة فَهَؤُلَاءِ نوعا المستجيبين واما المعارضون المدعون للحق فنوعان نوع يدعونَ بالمجادلة بِالَّتِي هِيَ احسن فان اسْتَجَابُوا وَإِلَّا فالمجادلة فَهَؤُلَاءِ لَا بُد لَهُم من جِدَال اَوْ جلاد وَمن تَأمل دَعْوَة الْقُرْآن وجدهَا شَامِلَة لهَؤُلَاء الاقسام متناولة لَهَا كلهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى ادْع الى سَبِيل رَبك بالحكمة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة وجادلهم بِالَّتِي هِيَ احسن فَهَؤُلَاءِ المدعوون بالْكلَام واما اهل الجلاد فهم الَّذين امْر الله قِتَالهمْ حَتَّى لاتكون فتْنَة وَيكون الدّين كُله لله واما من فسر الاية

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست