responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 148
لَا تزَال طَائِفَة من امته على الْحق لَا يضرهم من خذلهم وَلَا من خالفهم الى قيام السَّاعَة فَلَا يزَال غرس الله الَّذين غرسهم فِي دينه يغرسون الْعلم فِي قُلُوب من اهلهم الله لذَلِك وارتضاهم فَيَكُونُوا وَرَثَة لَهُم كَمَا كَانُوا هم وَرَثَة لمن قبلهم فَلَا تَنْقَطِع حجج الله والقائم بهَا من الاض وَفِي الاثر الْمَشْهُور لَا يزَال الله يغْرس فِي هَذَا الدّين غرسا يستعملهم بِطَاعَتِهِ وَكَانَ من دُعَاء بعض من تقدم اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من غرسك الَّذين تستعملهم بطاعتك وَلِهَذَا مَا اقام الله لهَذَا الدّين من يحفظه ثمَّ قَبضه اليه الا وَقد زرع مَا علمه من الْعلم وَالْحكمَة اما فِي قُلُوب امثاله واما فِي كتب ينْتَفع بهَا النَّاس بعده وَبِهَذَا وَبِغَيْرِهِ فضل الْعلمَاء الْعباد فَإِن الْعَالم إِذا زرع علمه عِنْد غَيره ثمَّ مَاتَ جرى عَلَيْهِ اجره وَبَقِي لَهُ ذكره وَهُوَ عمر ثَان وحياة اخرى وَذَلِكَ احق مَا تنافس فِيهِ الْمُتَنَافسُونَ وَرغب فِيهِ الراغبون وَقَوله هجم بهم الْعلم على حَقِيقَة الامر فاستلانوا مَا استوعره المترفون وانسوا مِمَّا استوحش مِنْهُ الجاهلون الهجوم على الرجل الدُّخُول عَلَيْهِ بِلَا اسْتِئْذَان وَلما كَانَت طَرِيق الاخرة وعرة على أَكثر الْخلق لمخالفتها لشهواتهم ومباينتها لارادتهم ومألوفاتهم قل سالكوها وزاهدهم فِيهَا قلَّة علمهمْ اوعدمه بِحَقِيقَة الامر وعاقبة الْعباد ومصيرهم وَمَا هيئوا لَهُ وهيء لَهُم فَقل علمهمْ بذلك واستلانوا مركب الشَّهْوَة والهوى على مركب الاخلاص وَالتَّقوى وتوعرت عَلَيْهِم الطَّرِيق وبعدت عَلَيْهِم الشقة وصعب عَلَيْهِم مرتقي عقابها وهبوط اوديتها وسلوك شعابها فاخلدوا الى الدعة والراحة وآثروا العاجل على الاجل وَقَالُوا عيشنا الْيَوْم نقد وموعودنا نَسِيئَة فنظروا الى عَاجل الدُّنْيَا واغمضوا الْعُيُون عَن آجلها ووقفوا مَعَ ظَاهرهَا وَلم يتأملوا بَاطِنهَا وذاقوا حلاوة مباديها وَغَابَ عَنْهُم مرَارَة عواقبها ودر لَهُم ثديها فطاب لَهُم الارتضاع وَاشْتَغلُوا بِهِ عَن التفكر فِي الْفِطَام ومرارة الِانْقِطَاع وَقَالَ مغترهم بِاللَّه وجاحدهم لعظمته وربوبيته متمثلا فِي ذَلِك
خُذ مَا ترَاهُ ودع شَيْئا سَمِعت بِهِ ... وَأما القائمون لله بحجته خلفاء نبيه فِي امته فانهم لكَمَال علمهمْ وقوته نفد بهم الى حَقِيقَة الامر وهجم بهم عَلَيْهِ فعاينوا ببصائرهم مَا عشيت عَنهُ بصائر الْجَاهِلين فاطمأنت قُلُوبهم بِهِ وَعمِلُوا على الْوُصُول اليه لما بَاشَرَهَا من روح الْيَقِين رفع لَهُم علم السَّعَادَة فشمروا اليه واسمعهم مُنَادِي الايمان النداء فاستبقوا اليه واستيقنت انفسهم مَا وعدهم بِهِ رَبهم فزهدوا فِيمَا سواهُ وَرَغبُوا فِيمَا لَدَيْهِ علمُوا ان الدُّنْيَا دَار ممر لَا دَار مقرّ ومنزل عبور لَا مقْعد حبور وانها خيال طيف اَوْ سَحَابَة صيف وان من فِيهَا كراكب قَالَ تَحت ظلّ شَجَرَة ثمَّ رَاح عَنْهَا وَتركهَا وتيقنوا انها احلام نوم اَوْ كظل زائل:
ان اللبيب بِمِثْلِهَا لَا يخدع ...

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست