responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 134
سأترك حبها من غير بغض ... وَلَكِن لِكَثْرَة الشُّرَكَاء فِيهِ إِذا وَقع الذُّبَاب على طَعَام ... رفعت يَدي وَنَفْسِي تشتيه وتجتنب الاسود ورودماء ... إِذا كَانَ الْكلاب يلغن فِيهِ
وَقيل لزاهد مَا الَّذِي زهدك فِي الدُّنْيَا فَقَالَ خسة شركائها وَقلة وفائها وَكَثْرَة جفائها وَقيل لاخر فِي ذَلِك فَقَالَ مَا مددت يَدي الى شَيْء مِنْهَا إِلَّا وجدت غَيْرِي قد سبقني اليه فَاتْرُكْهُ لَهُ وَمِنْهَا ان الالتذاذ بموقعها إِنَّمَا هُوَ بِقدر الْحَاجة اليها والتألم بمطالبة النَّفس لتناولها وَكلما كَانَت شَهْوَة الظفر بالشَّيْء اقوى كَانَت اللَّذَّة الْحَاصِلَة بِوُجُودِهِ اكمل فَلَمَّا لم تحصل تِلْكَ الشَّهْوَة لم تحصل تِلْكَ اللَّذَّة فمقدار اللَّذَّة الْحَاصِلَة فِي الْحَال مسَاوٍ لمقدار الْحَاجة والالم والمضرة فِي الْمَاضِي وَحِينَئِذٍ يتقابل اللَّذَّة الْحَاصِلَة والالم الْمُتَقَدّم فيتساقطان فَتَصِير اللَّذَّة كانها لم تُوجد وَيصير بِمَنْزِلَة من شقّ بطن رجل ثمَّ خاطه وداواه بالمراهم اَوْ بِمَنْزِلَة من ضربه عشرَة اسواط واعطاه عشرَة دَرَاهِم وَلَا تخرج لذات الدُّنْيَا غَالِبا عَن ذَلِك وَمثل هَذَا لَا يعد لَذَّة وَلَا سَعَادَة وَلَا كمالا بل هُوَ بِمَنْزِلَة قَضَاء الْحَاجة من الْبَوْل وَالْغَائِط فَإِن الانسان يتَضَرَّر بثقله فَإِذا قضى حَاجته استراح مِنْهُ فاما ان يعد ذَلِك سَعَادَة وبهجة وَلَذَّة مَطْلُوبَة فَلَا وَمِنْهَا ان هَاتين اللذتين اللَّتَيْنِ هما اثر اللَّذَّات عِنْد النَّاس وَلَا سَبِيل الى نيلهما الا بِمَا يقْتَرن بهما قبلهمَا وبعدهما من مُبَاشرَة القاذورات والتالم الْحَاصِل عقبيهما مثل لَذَّة الاكل فَإِن الْعَاقِل لَو نظر الى طَعَامه حَال مخالطته رِيقه وعجنه بِهِ لنفرت نَفسه مِنْهُ وَلَو سقت تِلْكَ اللُّقْمَة من فِيهِ لنفر طبعه من اعادتها اليه ثمَّ ان لذته بِهِ إِنَّمَا تحصل فِي مجْرى نَحْو الاربع الاصابع فَإِذا فصل عَن ذَلِك المجرى زَالَ تلذذه بِهِ فَإِذا اسْتَقر فِي معدته وخالطه الشَّرَاب وَمَا فِي الْمعدة من الاجزاء الفضلية فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يصير فِي غَايَة الخسة فَإِن زَاد على مِقْدَار الْحَاجة اورث الادواء الْمُخْتَلفَة على تنوعها وَلَوْلَا ان بَقَاءَهُ مَوْقُوف على تنَاوله لَكَانَ تَركه وَالْحَالة هَذِه اليق بِهِ كَمَا قَالَ بَعضهم:
لَوْلَا قَضَاءَهُ جرى نزهت انملتي ... عَن ان تلم بمأكول ومشروب وَأما لَذَّة الوقاع قدرهَا ابين من ان نذْكر آفاته وَيدل عَلَيْهِ ان اعضاء هَذِه اللَّذَّة هِيَ عَورَة الانسان الَّتِي يستحيا من رؤيتها وَذكرهَا وسترها امْر فطر الله عَلَيْهِ عباده وَلَا تتمّ لَذَّة المواقعة الا بالاطلاع عَلَيْهَا وإبرازها والتلطخ بالرطوبات المستقذرة المتولدة مِنْهَا ثمَّ إِن تَمامهَا إِنَّمَا يحصل بانفصال النُّطْفَة وَهِي اللَّذَّة الْمَقْصُودَة من الوقاع وزمنها يشبه الان الَّذِي لَا يَنْقَسِم فصعوبة تِلْكَ المزاولة والمحاولة والمطاولة والمراوضة والتعب لاجل لَذَّة لَحْظَة كمد الطّرف فَأَيْنَ مقايسة بَين هَذِه اللَّذَّة وَبَين التَّعَب فِي طَرِيق تَحْصِيلهَا وَهَذَا يدل على ان هَذِه

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست