responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 106
الاخر من عينه وَهَذَا كثير فِي كَلَام النَّاس نظمه ونثره وَهُوَ اكثر من ان نذكرهُ هُنَا وَلما كَانَ الْقلب اشرف الاعضاء كَانَ اشدها ارتباطا بِهِ واشرف من غَيره قَالُوا وَلِهَذَا يأتمنه الْقلب مَالا يأتمن السّمع عَلَيْهِ بل إِذا ارتاب من جِهَة عرض مَا يَأْتِيهِ بِهِ على الْبَصَر ليزكيه ام يردهُ فالبصر حَاكم عَلَيْهِ مؤتمن عَلَيْهِ قَالُوا وَمن هَذَا الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ احْمَد فِي مُسْنده مَرْفُوعا لَيْسَ الْمخبر كالمعاين قَالُوا وَلِهَذَا اخبر الله سُبْحَانَهُ مُوسَى ان قومه افتتنوا من بعده وعبدوا الْعجل فَلم يلْحقهُ فِي ذَلِك مَا لحقه عِنْد رُؤْيَة ذَلِك ومعاينته من القاء الالواح وَكسرهَا لفوت المعاينة على الْخَبَر قَالُوا وَهَذَا إِبْرَاهِيم خَلِيل الله يسْأَل ربه ان يرِيه كَيفَ يحيى الْمَوْتَى وَقد علم ذَلِك بِخَبَر الله لَهُ وَلَكِن طلب افضل الْمنَازل وَهِي طمأنينة الْقلب قَالُوا ولليقين ثَلَاث مَرَاتِب اولها للسمع وَثَانِيها للعين وَهِي الْمُسَمَّاة بِعَين الْيَقِين وَهِي افضل من الْمرتبَة الاولى واكمل قَالُوا وايضا فالبصر يُؤدى الى الْقلب وَيُؤَدِّي عَنهُ فان الْعين مرْآة الْقلب يظْهر فِيهَا مَا يُحِبهُ من الْمحبَّة والبغض والموالاة والمعاداة وَالسُّرُور والحزن وَغَيرهَا وَأما الاذن فَلَا تُؤَدّى عَن الْقلب شَيْئا الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا مرتبتها الايصال اليه حسب فالعين اشد تعلقا بِهِ وَالصَّوَاب ان كلا مِنْهُمَا لَهُ خاصية فضل بهَا الاخر فالمدرك بِالسَّمْعِ اعم واشمل والمدرك بالبصر اتم واكمل فالسمع لَهُ الْعُمُوم والشمول وَالْبَصَر لَهُ الظُّهُور والتمام وَكَمَال الادراك واما نعيم اهل الْجنَّة فشيئآن احدهما النّظر الى الله وَالثَّانِي سَماع خطابه وَكَلَامه كَمَا رَوَاهُ عبد الله بن احْمَد فِي الْمسند وَغَيره كَأَن النَّاس يَوْم الْقِيَامَة لم يسمعوا الْقُرْآن اذا سَمِعُوهُ من الرَّحْمَن عز وَجل وَمَعْلُوم ان سَلَامه عَلَيْهِم وخطابه لَهُم ومحاضرته اياهم كَمَا فِي التِّرْمِذِيّ وَغَيره لَا يشبهها شَيْء قطّ وَلَا يكون اطيب عِنْدهم مِنْهَا وَلِهَذَا يذكر سُبْحَانَهُ فِي وَعِيد اعدائه انه لايكلمهم كَمَا يذكر احتجابه عَنْهُم وَلَا يرونه فَكَلَامه اعلا نعيم اهل الْجنَّة وَالله اعْلَم الْوَجْه الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ ان الله سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآن يعدد على عباده من نعمه عَلَيْهِم ان اعطاهم آلَات الْعلم فيذكر الْفُؤَاد والسمع والابصار وَمرَّة يذكر اللِّسَان الَّذِي يترجم بِهِ عَن الْقلب فَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَة النعم وَهِي سُورَة النَّحْل الَّتِي ذكر فِيهَا اصول النعم وفروعها ومتمماتها ومكملاتها فعددنعمه فِيهَا على عباده وتعرف بهَا اليهم واقتضاهم شكرها وَاخْبَرْ انه يُتمهَا عَلَيْهِم ليعرفوها ويذكروها ويشكروها فاولها فِي اصول النعم وَآخِرهَا فِي مكملاتها قَالَ تَعَالَى {وَالله أخرجكم من بطُون أُمَّهَاتكُم لَا تعلمُونَ شَيْئا وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تشكرون} فَذكر سُبْحَانَهُ نعْمَته عَلَيْهِم بَان اخرجهم لَا علم لَهُم ثمَّ اعطاهم الاسماع والابصار والافئدة الَّتِي نالوا بهَا من الْعلم مانالوه وانه فعل بهم ذَلِك

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست