responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 97
مُشَاهِدًا لِلْحُكْمِ: مَشْهَدُ: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29] .
وَأَمَّا قَوْلُهُ: حُرًّا مِنْ رِقِّ الرَّسْمِ، فَالْحُرِّيَّةُ الَّتِي يُشِيرُونَ إِلَيْهَا: هِيَ عَدَمُ الدُّخُولِ تَحْتَ عُبُودِيَّةِ الْخَلْقِ وَالنَّفْسِ، وَالدُّخُولُ تَحْتَ رِقِّ عُبُودِيَّةِ الْحَقِّ وَحْدَهُ.
وَمُرَادُهُمْ بِالرَّسْمِ: مَا سِوَى اللَّهِ، فَكُلُّهُ رُسُومٌ. فَإِنَّ الرُّسُومَ هِيَ الْآثَارُ. وَرُسُومُ الْمَنَازِلِ وَالدِّيَارِ: هِيَ الْآثَارُ الَّتِي تَبْقَى بَعْدَ سُكَّانِهَا. وَالْمَخْلُوقَاتُ بِأَسْرِهَا فِي مَنْزِلِ الْحَقِيقَةِ رُسُومٌ وَآثَارٌ لِلْقُدْرَةِ؛ أَيْ فَتُخَلِّصُ نَفْسَكَ مِنْ عُبُودِيَّةِ كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ، وَتَكُونُ بِقَلْبِكَ مَعَ الْقَادِرِ الْحَقِّ وَحْدَهُ. لَا مَعَ آثَارِ قُدْرَتِهِ الَّتِي هِيَ رُسُومٌ. فَلَا تَشْتَغِلُ بِغَيْرِهِ لِتَشْغَلَهَا بِعُبُودِيَّتِهِ. وَلَا تَطْلُبُ بِعُبُودِيَّتِكَ لَهُ حَالًا وَلَا مَقَامًا. وَلَا مُكَاشَفَةً، وَلَا شَيْئًا سِوَاهُ.
فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ: بَذْلُ الْجُهْدِ، وَتَحْكِيمُ الْعِلْمِ، وَالنَّظَرُ إِلَى الْحَقِيقَةِ، وَالتَّخَلُّصُ مِنَ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِهِ. وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْمُعِينُ.

[فَصْلٌ حَقِيقَةُ الْإِخْلَاصِ تَوْحِيدُ الْمَطْلُوبِ]
فَصْلٌ
الْإِخْلَاصُ عَدَمُ انْقِسَامِ الْمَطْلُوبِ. وَالصِّدْقُ عَدَمُ انْقِسَامِ الطَّلَبِ.
فَحَقِيقَةُ الْإِخْلَاصِ: تَوْحِيدُ الْمَطْلُوبِ. وَحَقِيقَةُ الصِّدْقِ: تَوْحِيدُ الطَّلَبِ وَالْإِرَادَةِ. وَلَا يُثْمِرَانِ إِلَّا بِالِاسْتِسْلَامِ الْمَحْضِ لِلْمُتَابَعَةِ.
فَهَذِهِ الْأَرْكَانُ الثَّلَاثَةُ: هِيَ أَرْكَانُ السَّيْرِ، وَأُصُولُ الطَّرِيقِ الَّتِي مَنْ لَمْ يَبْنِ عَلَيْهَا سُلُوكَهُ وَسَيْرَهُ فَهُوَ مَقْطُوعٌ. وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ سَائِرٌ، فَسَيْرُهُ إِمَّا إِلَى عَكْسِ جِهَةِ مَقْصُودِهِ، وَإِمَّا سَيْرُ الْمُقْعَدِ وَالْمُقَيَّدِ، وَإِمَّا سَيْرُ صَاحِبِ الدَّابَّةِ الْجَمُوحِ. كُلَّمَا مَشَتْ خُطْوَةً إِلَى قُدَّامٍ رَجَعَتْ عَشَرَةً إِلَى الْخَلْفِ.
فَإِنْ عَدَمَ الْإِخْلَاصَ وَالْمُتَابَعَةَ: انْعَكَسَ سَيْرُهُ إِلَى خَلْفٍ. وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ جُهْدَهُ وَيُوَحِّدْ طَلَبَهُ: سَارَ سَيْرَ الْمُقَيَّدِ.
وَإِنِ اجْتَمَعَتْ لَهُ الثَّلَاثَةُ: فَذَلِكَ الَّذِي لَا يُجَارَى فِي مِضْمَارِ سَيْرِهِ. وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيِهِ مَنْ يَشَاءُ. وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست