responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 61
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ، أَيْ لَمْ نَكْتُبْهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ. وَهَذَا فَاسِدٌ. فَإِنَّهُ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْهِمْ سُبْحَانَهُ. كَيْفَ وَقَدْ أَخْبَرَ: أَنَّهُمْ هُمُ ابْتَدَعُوهَا. فَهِيَ مُبْتَدَعَةٌ غَيْرُ مَكْتُوبَةٍ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَفْعُولَ لِأَجْلِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِفِعْلِ الْفَاعِلِ الْمَذْكُورِ مَعَهُ. فَيَتَّحِدُ السَّبَبُ وَالْغَايَةُ. نَحْوُ: قُمْتُ إِكْرَامًا. فَالْقَائِمُ هُوَ الْمُكْرِمُ. وَفِعْلُ الْفَاعِلِ الْمُعَلَّلِ هَاهُنَا هُوَ الْكِتَابَةُ وَ " {ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحديد: 27] " فِعْلُهُمْ، لَا فِعْلُ اللَّهِ. فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِفِعْلِ اللَّهِ. لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ.
وَقِيلَ: بَدَلٌ مِنْ مَفْعُولِ " كَتَبْنَاهَا "؛ أَيْ مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ.
وَهُوَ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ إِذْ لَيْسَ ابْتِغَاءُ رِضْوَانِ اللَّهِ عَيْنَ الرَّهْبَانِيَّةِ، فَتَكُونُ بَدَلَ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ. وَلَا بَعْضَهَا، فَتَكُونُ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ. وَلَا أَحَدُهُمَا مُشْتَمِلٌ عَلَى الْآخَرِ. فَتَكُونُ بَدَلَ اشْتِمَالٍ. وَلَيْسَ بَدَلَ غَلَطٍ.
فَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ نَصْبَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ. أَيْ لَمْ يَفْعَلُوهَا وَلَمْ يَبْتَدِعُوهَا إِلَّا لِطَلَبِ رِضْوَانِ اللَّهِ. وَدَلَّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ " ابْتَدَعُوهَا " ثُمَّ ذَكَرَ الْحَامِلَ لَهُمْ وَالْبَاعِثَ عَلَى ابْتِدَاعِ هَذِهِ الرَّهْبَانِيَّةِ، وَأَنَّهُ هُوَ طَلَبُ الرِّضْوَانِ. ثُمَّ ذَمَّهُمْ بِتَرْكِ رِعَايَتِهَا؛ إِذْ مَنِ الْتَزَمَ لِلَّهِ شَيْئًا لَمْ يُلْزِمْهُ اللَّهُ إِيَّاهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْقُرَبِ لَزِمَهُ رِعَايَتَهُ وَإِتْمَامَهُ. حَتَّى أَلْزَمَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ شَرَعَ فِي طَاعَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ حُكْمُهُ بِإِتْمَامِهَا. وَجَعَلُوا الْتِزَامَهَا بِالشُّرُوعِ كَالْتِزَامِهَا بِالنَّذْرِ. كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَهُوَ إِجْمَاعٌ - أَوْ كَالْإِجْمَاعِ - فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ.
قَالُوا: وَالِالْتِزَامُ بِالشُّرُوعِ أَقْوَى مِنَ الِالْتِزَامِ بِالْقَوْلِ. فَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا الْتَزَمَهُ بِالنَّذْرِ وَفَاءً، يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ مَا الْتَزَمَهُ بِالْفِعْلِ إِتْمَامًا.
وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ اسْتِقْصَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَالْقَصْدُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَمَّ مَنْ لَمْ يَرْعَ قُرْبَةً ابْتَدَعَهَا لِلَّهِ تَعَالَى حَقَّ رِعَايَتِهَا؛ فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَرْعَ قُرْبَةً شَرَعَهَا اللَّهُ لِعِبَادِهِ، وَأَذِنَ بِهَا وَحَثَّ عَلَيْهَا؟ !

[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الرِّعَايَةِ]
[الدَّرَجَةُ الْأُولَى رِعَايَةُ الْأَعْمَالِ]
فَصْلٌ
قَالَ صَاحِبُ " الْمَنَازِلِ ":
الرِّعَايَةُ صَوْنٌ بِالْعِنَايَةِ. وَهِيَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ دَرَجَاتُ الرِّعَايَةِ. الدَّرَجَةُ الْأُولَى: رِعَايَةُ الْأَعْمَالِ. وَالثَّانِيَةُ: رِعَايَةُ الْأَحْوَالِ. وَالثَّالِثَةُ: رِعَايَةُ الْأَوْقَاتِ.

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست