responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 56
الرَّغْبَةُ هِيَ مِنَ الرَّجَاءِ بِالْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الرَّجَاءَ طَمَعٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَحْقِيقٍ وَالرَّغْبَةُ سُلُوكٌ عَلَى التَّحْقِيقِ.
أَيِ الرَّغْبَةُ تَتَوَلَّدُ مِنَ الرَّجَاءِ. لَكِنَّهُ طَمَعٌ. وَهِيَ سُلُوكٌ وَطَلَبٌ.
وَقَوْلُهُ: الرَّجَاءُ طَمَعٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَحْقِيقِ أَيْ طَمَعٌ فِي مَغِيبٍ عَنْهُ مَشْكُوكٍ فِي حُصُولِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَحَقِّقًا فِي نَفْسِهِ، كَرَجَاءِ الْعَبْدِ دُخُولَ الْجَنَّةِ. فَإِنَّ الْجَنَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا. وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي دُخُولِهِ إِلَيْهَا. وَهَلْ يُوَافِي رَبَّهُ بِعَمَلٍ يَمْنَعُهُ مِنْهَا أَمْ لَا؟ بِخِلَافِ الرَّغْبَةِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَا يَرْغَبُ فِيهِ. فَالْإِيمَانُ فِي الرَّغْبَةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الرَّجَاءِ. فَلِذَلِكَ قَالَ: وَالرَّغْبَةُ سُلُوكٌ عَلَى التَّحْقِيقِ.
هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ. وَفِيهِ نَظَرٌ.
فَإِنَّ الرَّغْبَةَ أَيْضًا طَلَبُ مَغِيبٍ، هُوَ عَلَى شَكٍّ مِنْ حُصُولِهِ. فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرْغَبُ فِي الْجَنَّةِ وَلَيْسَ بِجَازِمٍ بِدُخُولِهَا. فَالْفَرْقُ الصَّحِيحُ أَنَّ الرَّجَاءَ طَمَعٌ وَالرَّغْبَةُ طَلَبٌ. فَإِذَا قَوِيَ الطَّمَعُ صَارَ طَلَبًا.

[دَرَجَاتُ الرَّغْبَةِ]
[الدَّرَجَةُ الْأُولَى رَغْبَةُ أَهْلِ الْخَبَرِ]
قَالَ: وَالرَّغْبَةُ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ. الدَّرَجَةُ الْأُولَى: رَغْبَةُ أَهْلِ الْخَبَرِ. تَتَوَلَّدُ مِنَ الْعِلْمِ. فَتَبْعَثُ عَلَى الِاجْتِهَادِ الْمَنُوطِ بِالشُّهُودِ. وَتَصُونُ السَّالِكَ عَنْ وَهَنِ الْفَتْرَةِ وَتَمْنَعُ صَاحِبَهَا مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى غَثَاثَةِ الرُّخَصِ.
أَرَادَ بِالْخَبَرِ هَاهُنَا الْإِيمَانَ الصَّادِرَ عَنِ الْأَخْبَارِ. وَلِهَذَا جَعَلَ تَوَلُّدَهَا مِنَ الْعِلْمِ. وَلَكِنَّ هَذَا الْإِيمَانَ مُتَّصِلٌ بِمَنْزِلَةِ الْإِحْسَانِ مِنْهُ، يُشْرِفُ عَلَيْهِ، وَيَصِلُ إِلَيْهِ. وَلِهَذَا قَالَ: الْمَنُوطُ بِالْمَشْهُودِ. أَيِ الْمُقْتَرِنُ بِالشُّهُودِ. وَذَلِكَ الشُّهُودُ: هُوَ مَشْهَدُ مَقَامِ الْإِحْسَانِ. وَهُوَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ. وَلَا مَشْهَدَ لِلْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا أَعْلَى مِنْ هَذَا.
وَعِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ فَوْقَهُ مَشْهَدًا أَعْلَى مِنْهُ. وَهُوَ شُهُودُ الْحَقِّ مَعَ غَيْبَتِهِ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَهُوَ مَقَامُ الْفَنَاءِ. وَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِيهِ.
وَلَوْ كَانَ فَوْقَ مَقَامِ الْإِحْسَانِ مَقَامٌ آخَرُ لَذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ. وَلَسَأَلَهُ جِبْرِيلُ عَنْهُ. فَإِنَّهُ جَمَعَ مَقَامَاتِ الدِّينِ كُلَّهَا فِي الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ.

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست