responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 481
بِالْحَلِفِ يَجْرِي عَلَى لِسَانِ الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ، وَالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، وَالْمُؤْمِنُونَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ إِلَى الصَّادِقِ وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ. وَلَا تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ إِلَى مَنْ يَرْتَابُونَ فِيهِ وَلَوْ حَلَفَ.
وَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الطُّمَأْنِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَنُفُوسِهِمْ، وَجَعَلَ الْغِبْطَةَ وَالْمِدْحَةَ وَالْبِشَارَةَ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ لِأَهْلِ الطُّمَأْنِينَةِ. فَطُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} [الفجر: 27] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ إِلَّا إِذَا كَانَتْ مُطْمَئِنَّةً. فَهُنَاكَ تَرْجِعُ إِلَيْهِ. وَتَدْخُلُ فِي عِبَادِهِ. وَتَدْخُلُ جَنَّتَهُ. وَكَانَ مِنْ دُعَاءِ بَعْضِ السَّلَفِ اللَّهُمَّ هَبْ لِي نَفْسًا مُطْمَئِنَّةً إِلَيْكَ.

[فَصْلٌ تَعْرِيفُ ابْنِ الْقَيِّمِ لِلطُّمَأْنِينَةِ]
فَصْلٌ
قَالَ صَاحِبُ " الْمَنَازِلِ ":
الطُّمَأْنِينَةُ: سُكُونٌ يُقَوِّيهِ أَمْنٌ صَحِيحٌ، شَبِيهٌ بِالْعِيَانِ. وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّكِينَةِ فَرْقَانِ
أَحَدُهُمَا: أَنَّ السَّكِينَةَ صَوْلَةٌ تُورِثُ خُمُودَ الْهَيْبَةِ أَحْيَانًا. وَالطُّمَأْنِينَةُ سُكُونُ أَمْنٍ فِي اسْتِرَاحَةِ أُنْسٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّ السَّكِينَةَ تَكُونُ نَعْتًا. وَتَكُونُ حِينًا بَعْدَ حِينٍ، وَالطُّمَأْنِينَةُ لَا تُفَارِقُ صَاحِبَهَا.
الطُّمَأْنِينَةُ مُوجِبُ السَّكِينَةِ. وَأَثَرٌ مِنْ آثَارِهَا. وَكَأَنَّهَا نِهَايَةُ السَّكِينَةِ.
فَقَوْلُهُ: سُكُونٌ يُقَوِّيهِ أَمْنٌ أَيْ سُكُونُ الْقَلْبِ مَعَ قُوَّةِ الْأَمْنِ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا يَكُونُ أَمْنَ غُرُورٍ. فَإِنَّ الْقَلْبَ قَدْ يَسْكُنُ إِلَى أَمْنِ الْغُرُورِ. وَلَكِنْ لَا يَطْمَئِنُّ بِهِ لِمُفَارَقَةِ ذَلِكَ السُّكُونِ لَهُ. وَالطُّمَأْنِينَةُ لَا تُفَارِقُهُ، فَإِنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْإِقَامَةِ. يُقَالُ: اطْمَأَنَّ بِالْمَكَانِ وَالْمَنْزِلِ: إِذَا أَقَامَ بِهِ.
وَسَبَبُ صِحَّةِ هَذَا الْأَمْنِ الْمُقَوِّي لِلسُّكُونِ: شِبَهُهُ بِالْعِيَانِ. بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ مُجَوِّزَاتِ الظُّنُونِ وَالْأَوْهَامِ. بَلْ كَأَنَّ صَاحِبَهُ يُعَايِنُ مَا يَطْمَئِنُّ بِهِ. فَيَأْمَنُ بِهِ اضْطِرَابَ قَلْبِهِ وَقَلَقَهُ وَارْتِيَابَهُ.
وَأَمَّا الْفَرْقَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّكِينَةِ. فَحَاصِلُ الْفَرْقِ الْأَوَّلِ: أَنَّ السَّكِينَةَ تَصُولُ عَلَى الْهَيْبَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الْقَلْبِ. فَتُخْمِدُهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ. فَيَسْكُنُ

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 481
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست