responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 429
{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40] فَهَذَا تَحْرِيمٌ لِلظُّلْمِ. وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] فَهَذَا إِيجَابٌ لِلْعَدْلِ، وَتَحْرِيمٌ لِلظُّلْمِ {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] نَدَبَ إِلَى الْفَضْلِ. وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279] تَحْرِيمٌ لِلظُّلْمِ. {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] عَدْلٌ. {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 280] فَضْلٌ.
وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ مَا حَرَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ صِيَانَةً وَحِمْيَةً.
حَرَّمَ عَلَيْهِمْ كُلَّ خَبِيثٍ وَضَارٍّ، وَأَبَاحَ لَهُمْ كُلُّ طَيِّبٍ وَنَافِعٍ. فَتَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمْ رَحْمَةٌ، وَعَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ لَمْ يَخْلُ مِنْ عُقُوبَةٍ. وَهَدَاهُمْ لِمَا ضَلَّتْ عَنْهُ الْأُمَمُ قَبْلَهُمْ. وَوَهَبَ لَهُمْ مِنْ عِلْمِهِ وَحِلْمِهِ. وَجَعَلَهُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ. وَكَمَّلَ لَهُمْ مِنَ الْمَحَاسِنِ مَا فَرَّقَهُ فِي الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ. كَمَا كَمَّلَ نَبِيَّهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَحَاسِنِ بِمَا فَرَّقَهُ فِي الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ. وَكَمَّلَ فِي كِتَابِهِ مِنَ الْمَحَاسِنِ بِمَا فَرَّقَهَا فِي الْكُتُبِ قَبْلَهُ. وَكَذَلِكَ فِي شَرِيعَتِهِ.
فَهَؤُلَاءِ الضَّنَائِنُ وَهُمُ الْمُجْتَبُونَ الْأَخْيَارُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] . وَجَعَلَهُمْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ. فَأَقَامَهُمْ فِي ذَلِكَ مَقَامَ الْأَنْبِيَاءِ الشَّاهِدِينَ عَلَى أُمَمِهِمْ.
وَتَفْصِيلُ تَفْضِيلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَخَصَائِصِهَا يَسْتَدْعِي سِفْرًا. بَلْ أَسْفَارًا. وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ. وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.

[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِحْسَانِ]
[حَقِيقَةُ الْإِحْسَانِ]
فَصْلٌ [مَنْزِلَةُ الْإِحْسَانِ]
وَمِنْ مَنَازِلِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] مَنْزِلَةُ الْإِحْسَانِ.
وَهِيَ لُبُّ الْإِيمَانِ، وَرُوحُهُ وَكَمَالُهُ، وَهَذِهِ الْمَنْزِلَةُ تَجْمَعُ جَمِيعَ الْمَنَازِلِ. فَجَمِيعُهَا مُنْطَوِيَةٌ فِيهَا. وَكُلُّ مَا قِيلَ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ إِلَى هَاهُنَا فَهُوَ مِنَ الْإِحْسَانِ.
قَالَ صَاحِبُ " الْمَنَازِلِ " رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدِ اسْتَشْهَدَ عَلَى هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 429
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست