responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 395
[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ أُنْسُ اضْمِحْلَالٍ فِي شُهُودِ الْحَضْرَةِ]
فَصْلٌ
قَالَ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ: أُنْسُ اضْمِحْلَالٍ فِي شُهُودِ الْحَضْرَةِ. لَا يُعَبَّرُ عَنْ غَيْبِهِ، وَلَا يُشَارُ إِلَى حَدِّهِ. وَلَا يُوقَفُ عَلَى كُنْهِهِ.
الِاضْمِحْلَالُ: الِانْعِدَامُ. وَشُهُودُ الْحَضْرَةِ هُوَ مُشَاهَدَةُ الْحَقِيقَةِ. وَالْفَنَاءُ فِي ذَلِكَ الشُّهُودِ.
قَوْلُهُ: وَلَا يُعَبَّرُ عَنْ غَيْبِهِ إِلَى آخِرِهِ.
حَاصِلُهُ: أَنَّ هَذَا أَمْرٌ وَرَاءَ الْعِبَارَةِ. لَا تَنَالُهُ الْعِبَارَةُ. وَلَا يُحَاطُ بِهِ عَيْنًا. وَلَا حَدًّا. وَلَا كُنْهًا. وَلَا حَقِيقَةً. فَإِنَّ حَقِيقَتَهُ: تَسْتَغْرِقُ الْعِبَارَةَ، وَالْإِشَارَةَ، وَالدَّلَالَةَ وَفِي وَصْفِهِ يَقُولُ قَائِلُهُمْ:
فَأَلْقَوْا حِبَالَ مَرَاسِيهِمْ ... فَغَطَّاهُمُ الْبَحْرُ. ثُمَّ انْطَبَقَ
وَهَاهُنَا إِنَّمَا حِوَالَةُ الْقَوْمِ عَلَى الذَّوْقِ. وَإِشَارَتُهُمْ إِلَى الْفَنَاءِ الَّذِي يَصْطَلِمُ الْمُشِيرَ وَإِشَارَتَهُ، وَالْمَعْبِّرَ وَعِبَارَتَهُ، مَعَ ظُهُورِ سُلْطَانِ الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ فَوْقَ الْإِشَارَةِ، وَالْعِبَارَةِ، وَالدَّلَالَةِ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ مَنْزِلَةِ الذِّكْرِ]
[حَقِيقَةُ الذِّكْرِ]
فَصْلٌ مَنْزِلَةِ الذِّكْرِ
وَمِنْ مَنَازِلِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] مَنْزِلَةُ الذِّكْرِ وَهِيَ مَنْزِلَةُ الْقَوْمِ الْكُبْرَى الَّتِي مِنْهَا يَتَزَوَّدُونَ وَفِيهَا يَتَّجِرُونَ، وَإِلَيْهَا دَائِمًا يَتَرَدَّدُونَ.
وَالذِّكْرُ مَنْشُورُ الْوِلَايَةِ الَّذِي مِنْ أُعْطِيَهُ اتَّصَلَ وَمَنْ مُنِعَهُ عُزِلَ، وَهُوَ قُوتُ قُلُوبِ الْقَوْمِ الَّذِي مَتَى فَارَقَهَا صَارَتِ الْأَجْسَادُ لَهَا قُبُورًا، وَعِمَارَةُ دِيَارِهِمُ الَّتِي إِذَا تَعَطَّلَتْ عَنْهُ صَارَتْ بُورًا، وَهُوَ سِلَاحُهُمُ الَّذِي يُقَاتِلُونَ بِهِ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ، وَمَاؤُهُمُ الَّذِي يُطْفِئُونَ بِهِ الْتِهَابَ الطَّرِيقِ وَدَوَاءُ أَسْقَامِهِمُ الَّذِي مَتَى فَارَقَهُمُ انْتَكَسَتْ مِنْهُمُ الْقُلُوبُ، وَالسَّبَبُ الْوَاصِلُ وَالْعَلَاقَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَلَّامِ الْغُيُوبِ.
إِذَا مَرِضْنَا تَدَاوِينَا بِذِكْرِكُمُ ... فَنَتْرُكُ الذِّكْرَ أَحْيَانًا فَنَنْتَكِسُ

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست