responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 318
الْحَقِّ: رَدُّهُ وَجَحْدُهُ، وَالدَّفْعُ فِي صَدْرِهِ. كَدَفْعِ الصَّائِلِ. وَغَمْصُ النَّاسِ: احْتِقَارُهُمْ وَازْدِرَاؤُهُمْ. وَمَتَى احْتَقَرَهُمْ وَازْدَرَاهُمْ: دَفَعَ حُقُوقَهُمْ. وَجَحَدَهَا، وَاسْتَهَانَ بِهَا.
وَلَمَّا كَانَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالٌ وَصَوْلَةٌ: كَانَتِ النُّفُوسُ الْمُتَكَبِّرَةُ لَا تَقَرُّ لَهُ بِالصَّوْلَةِ عَلَى تِلْكَ الصَّوْلَةِ الَّتِي فِيهَا، وَلَا سِيَّمَا النُّفُوسَ الْمُبْطِلَةَ. فَتَصُولُ عَلَى صَوْلَةِ الْحَقِّ بِكِبْرِهَا وَبَاطِلِهَا. فَكَانَ حَقِيقَةُ التَّوَاضُعِ: خُضُوعَ الْعَبْدِ لِصَوْلَةِ الْحَقِّ، وَانْقِيَادَهُ لَهَا. فَلَا يُقَابِلُهَا بِصَوْلَتِهِ عَلَيْهَا.

[دَرَجَاتُ التَّوَاضُعِ]
[الدَّرَجَةُ الْأُولَى التَّوَاضُعُ لِلدِّينِ]
قَالَ: وَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ. الدَّرَجَةُ الْأُولَى: التَّوَاضُعُ لِلدِّينِ. وَهُوَ أَنْ لَا يُعَارِضَ بِمَعْقُولٍ مَنْقُولًا. وَلَا يَتَّهِمَ لِلدِّينِ دَلِيلًا. وَلَا يَرَى إِلَى الْخِلَافِ سَبِيلًا.
التَّوَاضُعُ لِلدِّينِ، هُوَ الِانْقِيَادُ لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالِاسْتِسْلَامُ لَهُ، وَالْإِذْعَانُ. وَذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ.
الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يُعَارِضَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمُعَارَضَاتِ الْأَرْبَعَةِ السَّارِيَةِ فِي الْعَالَمِ، الْمُسَمَّاةِ: بِالْمَعْقُولِ، وَالْقِيَاسِ، وَالذَّوْقِ، وَالسِّيَاسَةِ.
فَالْأُولَى: لِلْمُنْحَرِفِينَ أَهْلِ الْكِبْرِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ، الَّذِينَ عَارَضُوا نُصُوصَ الْوَحْيِ بِمَعْقُولَاتِهِمُ الْفَاسِدَةِ. وَقَالُوا: إِذَا تَعَارَضَ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ: قَدَّمْنَا الْعَقْلَ. وَعَزَلْنَا النَّقْلَ. إِمَّا عَزْلَ تَفْوِيضٍ، وَإِمَّا عَزْلَ تَأْوِيلٍ.
وَالثَّانِي: لِلْمُتَكَبِّرِينَ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْفِقْهِ، قَالُوا: إِذَا تَعَارَضَ الْقِيَاسُ وَالرَّأْيُ وَالنُّصُوصُ: قَدَّمْنَا الْقِيَاسَ عَلَى النَّصِّ. وَلَمْ نَلْتَفِتْ إِلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ: لِلْمُتَكَبِّرِينَ الْمُنْحَرِفِينَ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى التَّصَوُّفِ وَالزُّهْدِ. فَإِذَا تَعَارَضَ عِنْدَهُمُ الذَّوْقُ وَالْأَمْرُ. قَدَّمُوا الذَّوْقَ وَالْحَالَ. وَلَمْ يَعْبَأُوا بِالْأَمْرِ.
وَالرَّابِعُ: لِلْمُتَكَبِّرِينَ الْمُنْحَرِفِينَ مِنَ الْوُلَاةِ وَالْأُمَرَاءِ الْجَائِرِينَ. إِذَا تَعَارَضَتْ عِنْدَهُمُ الشَّرِيعَةُ وَالسِّيَاسَةُ. قَدَّمُوا السِّيَاسَةَ. وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى حُكْمِ الشَّرِيعَةِ.
فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ: هُمْ أَهْلُ الْكِبْرِ. وَالتَّوَاضُعُ: التَّخَلُّصُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.
الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَّهِمَ دَلِيلًا مِنْ أَدِلَّةِ الدِّينِ، بِحَيْثُ يَظُنُّهُ فَاسِدَ الدَّلَالَةِ، أَوْ نَاقِصَ الدَّلَالَةِ، أَوْ قَاصِرَهَا، أَوْ أَنَّ غَيْرَهُ كَانَ أَوْلَى مِنْهُ. وَمَتَى عَرَضَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَتَّهِمْ فَهْمَهُ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْآفَةَ مِنْهُ، وَالْبَلِيَّةَ فِيهِ، كَمَا قِيلَ:

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 318
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست