responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 316
رَأْسِي وَيَهُزُّنِي - لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ السَّفِينَةِ أَحَدٌ أَحْقَرُ مِنِّي. وَالْأُخْرَى: كُنْتُ عَلِيلًا فِي مَسْجِدٍ. فَدَخَلَ الْمُؤَذِّنُ، وَقَالَ: اخْرُجْ. فَلَمْ أُطِقْ، فَأَخَذَ بِرِجْلِي وَجَرَّنِي إِلَى خَارِجٍ. وَالْأُخْرَى: كُنْتُ بِالشَّامِ وَعَلَيَّ فَرْوٌ. فَنَظَرْتُ فِيهِ فَلَمْ أُمَيِّزْ بَيْنَ شَعَرِهِ وَبَيْنَ الْقَمْلِ لِكَثْرَتِهِ. فَسَرَّنِي ذَلِكَ.
وَفِي رِوَايَةٍ: كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا. فَجَاءَ إِنْسَانٌ فَبَالَ عَلَيَّ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَيْتُ فِي الطَّوَافِ رَجُلًا بَيْنَ يَدَيْهِ شَاكِرِيَّةٌ يَمْنَعُونَ النَّاسَ لِأَجْلِهِ عَنِ الطَّوَافِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ عَلَى جِسْرِ بَغْدَادَ يَسْأَلُ شَيْئًا. فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ. فَقَالَ لِي: إِنِّي تَكَبَّرْتُ فِي مَوْضِعٍ يَتَوَاضَعُ النَّاسُ فِيهِ، فَابْتَلَانِي اللَّهُ بِالذُّلِّ فِي مَوْضِعٍ يَتَرَفَّعُ النَّاسُ فِيهِ.
وَبَلَغَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ ابْنًا لَهُ اشْتَرَى خَاتَمًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ اشْتَرَيْتَ فَصًّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي فَبِعِ الْخَاتَمَ. وَأَشْبِعْ بِهِ أَلْفَ بَطْنٍ. وَاتَّخِذْ خَاتَمًا بِدِرْهَمَيْنِ. وَاجْعَلْ فَصَّهُ حَدِيدًا صِينِيًّا. وَاكْتُبْ عَلَيْهِ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَءًا عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ ذَمُّ الْكِبْرِ وَالْحِرْصِ]
فَصْلٌ
أَوَّلُ ذَنْبٍ عَصَى اللَّهَ بِهِ أَبَوَا الثَّقَلَيْنِ: الْكِبْرُ وَالْحِرْصُ. فَكَانَ الْكِبْرُ ذَنْبَ إِبْلِيسَ اللَّعِينِ. فَآلَ أَمْرُهُ إِلَى مَا آلَ إِلَيْهِ. وَذَنْبُ آدَمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ: كَانَ مِنَ الْحِرْصِ وَالشَّهْوَةِ. فَكَانَ عَاقِبَتُهُ التَّوْبَةَ وَالْهِدَايَةَ، وَذَنَبُ إِبْلِيسَ حَمَلَهُ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِالْقَدَرِ وَالْإِصْرَارِ. وَذَنْبُ آدَمَ أَوْجَبَ لَهُ إِضَافَتَهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَالِاعْتِرَافَ بِهِ وَالِاسْتِغْفَارَ.
فَأَهْلُ الْكِبْرِ وَالْإِصْرَارِ، وَالِاحْتِجَاجِ بِالْأَقْدَارِ: مَعَ شَيْخِهِمْ وَقَائِدِهِمْ إِلَى النَّارِ إِبْلِيسَ. وَأَهْلُ الشَّهْوَةِ: الْمُسْتَغْفِرُونَ التَّائِبُونَ الْمُعْتَرِفُونَ بِالذُّنُوبِ، الَّذِينَ لَا يَحْتَجُّونَ عَلَيْهَا بِالْقَدَرِ: مَعَ أَبِيهِمْ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ.
وَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: التَّكَبُّرُ شَرٌّ مِنَ الشِّرْكِ فَإِنَّ الْمُتَكَبِّرَ يَتَكَبَّرُ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُشْرِكَ يَعْبُدُ اللَّهَ وَغَيْرَهُ.
قُلْتُ: وَلِذَلِكَ جَعَلَ اللَّهُ النَّارَ دَارَ الْمُتَكَبِّرِينَ. كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الزُّمَرِ وَفِي سُورَةِ غَافِرٍ {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [غافر: 76] وَفِي سُورَةِ

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 316
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست