responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 305
[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّابِعُ مَشْهَدُ الْأَمْنِ]
فَصْلٌ
الْمَشْهَدُ السَّابِعُ: مَشْهَدُ الْأَمْنِ فَإِنَّهُ إِذَا تَرَكَ الْمُقَابَلَةَ وَالِانْتِقَامَ: أَمِنَ مَاهُّو شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ. وَإِذَا انْتَقَمَ: وَاقَعَهُ الْخَوْفُ وَلَا بُدَّ. فَإِنَّ ذَلِكَ يَزْرَعُ الْعَدَاوَةَ. وَالْعَاقِلُ لَا يَأْمَنُ عَدُوَّهُ، وَلَوْ كَانَ حَقِيرًا. فَكَمْ مِنْ حَقِيرٍ أَرْدَى عَدُوَّهُ الْكَبِيرَ؟ فَإِذَا غَفَرَ، وَلَمْ يَنْتَقِمْ، وَلَمْ يُقَابِلْ: أَمِنَ مِنْ تَوَلُّدِ الْعَدَاوَةِ، أَوْ زِيَادَتِهَا. وَلَا بُدَّ أَنَّ عَفْوَهُ وَحِلْمَهُ وَصَفْحَهُ يَكْسِرُ عَنْهُ شَوْكَةَ عَدُوِّهِ. وَيَكُفُّ مِنْ جَزَعِهِ، بِعَكْسِ الِانْتِقَامِ. وَالْوَاقِعُ شَاهِدٌ بِذَلِكَ أَيْضًا.

[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّامِنُ مَشْهَدُ الْجِهَادِ]
فَصْلٌ
الْمَشْهَدُ الثَّامِنُ: مَشْهَدُ الْجِهَادِ وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ تَوَلُّدَ أَذَى النَّاسِ لَهُ مِنْ جِهَادِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَأَمْرِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ. وَنَهْيِهِمْ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَإِقَامَةِ دِينِ اللَّهِ، وَإِعْلَاءِ كَلِمَاتِهِ.
وَصَاحِبُ هَذَا الْمَقَامِ: قَدِ اشْتَرَى اللَّهُ مِنْهُ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَعِرْضَهُ بِأَعْظَمِ الثَّمَنِ. فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ الثَّمَنَ فَلْيُسَلِّمْ هُوَ السِّلْعَةَ لِيَسْتَحِقَّ ثَمَنَهَا. فَلَا حَقَّ لَهُ عَلَى مَنْ آذَاهُ. وَلَا شَيْءَ لَهُ قَبْلَهُ، إِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَ بِعَقْدِ هَذَا التَّبَايُعِ. فَإِنَّهُ قَدْ وَجَبَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ.
وَهَذَا ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَلِهَذَا «مَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ سُكْنَى مَكَّةَ - أَعَزَّهَا اللَّهُ - وَلَمْ يَرُدَّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ دَارَهُ وَلَا مَالَهُ الَّذِي أَخَذَهُ الْكُفَّارُ. وَلَمْ يُضَمِّنْهُمْ دِيَةَ مَنْ قَتَلُوهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» .
وَلَمَّا عَزَمَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى تَضْمِينِ أَهْلِ الرِّدَّةِ مَا أَتْلَفُوهُ مِنْ نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ. قَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - بِمَشْهَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تِلْكَ دِمَاءٌ وَأَمْوَالٌ ذَهَبَتْ فِي اللَّهِ. وَأُجُورُهَا عَلَى اللَّهِ، وَلَا دِيَةَ لِشَهِيدٍ فَأَصْفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلِ عُمَرَ. وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الصِّدِّيقُ.
فَمَنْ قَامَ لِلَّهِ حَتَّى أُوذِيَ فِي اللَّهِ: حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الِانْتِقَامَ. كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17] .

[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ التَّاسِعُ مَشْهَدُ النِّعْمَةِ]
فَصْلٌ
الْمَشْهَدُ التَّاسِعُ: مَشْهَدُ النِّعْمَةِ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَشْهَدَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي أَنْ جَعَلَهُ مَظْلُومًا يَتَرَقَّبُ النَّصْرَ. وَلَمْ يَجْعَلْهُ ظَالِمًا

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 305
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست