responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 303
وَاعْذُرْهُمْ. نَظَرًا إِلَى جَرَيَانِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ آلَةٌ. وَهَاهُنَا يَنْفَعُكَ الْفَنَاءُ بِشُهُودِ الْحَقِيقَةِ عَنْ شُهُودِ جِنَايَتِهِمْ عَلَيْكَ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ لِرَجُلٍ تَعَدَّى عَلَيْهِ وَظَلَمَهُ: إِنْ كُنْتَ ظَالِمًا فَالَّذِي سَلَّطَكَ عَلَيَّ لَيْسَ بِظَالِمٍ.

[مَشَاهِدُ الْعَبْدِ فِيمَا يُصِيبُهُ مِنْ أَذَى الْخَلْقِ]
[الْمَشْهَدُ الْأَوَّلُ مَشْهَدُ الْقَدَرِ]
وَهَاهُنَا لِلْعَبْدِ أَحَدَ عَشَرَ مَشْهَدًا فِيمَا يُصِيبُهُ مِنْ أَذَى الْخَلْقِ وَجِنَايَتِهِمْ عَلَيْهِ.
أَحَدُهَا: الْمَشْهَدُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَهُوَ مَشْهَدُ الْقَدَرِ وَأَنَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ. فَيَرَاهُ كَالتَّأَذِّي بِالْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَالْمَرَضِ وَالْأَلَمِ، وَهُبُوبِ الرِّيَاحِ، وَانْقِطَاعِ الْأَمْطَارِ. فَإِنَّ الْكُلَّ أَوْجَبَتْهُ مَشِيئَةُ اللَّهِ. فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ. وَوَجَبَ وُجُودُهُ. وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. وَامْتَنَعَ وُجُودُهُ. وَإِذَا شَهِدَ هَذَا: اسْتَرَاحَ. وَعَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ. فَمَا لِلْجَزَعِ مِنْهُ وَجْهٌ. وَهُوَ كَالْجَزَعِ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ وَالْمَوْتِ.

[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّانِي مَشْهَدُ الصَّبْرِ]
فَصْلٌ
الْمَشْهَدُ الثَّانِي: مَشْهَدُ الصَّبْرِ فَيَشْهَدُهُ وَيَشْهَدُ وُجُوبَهُ، وَحُسْنَ عَاقِبَتِهِ، وَجَزَاءَ أَهْلِهِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْغِبْطَةِ وَالسُّرُورِ. وَيُخَلِّصُهُ مِنْ نَدَامَةِ الْمُقَابَلَةِ وَالِانْتِقَامِ. فَمَا انْتَقَمَ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ قَطُّ إِلَّا أَعْقَبَهُ ذَلِكَ نَدَامَةٌ. وَعَلِمَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَصْبِرِ اخْتِيَارًا عَلَى هَذَا - وَهُوَ مَحْمُودٌ - صَبَرَ اضْطَرَارًا عَلَى أَكْبَرَ مِنْهُ. وَهُوَ مَذْمُومٌ.

[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّالِثُ مَشْهَدُ الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَالْحِلْمِ]
فَصْلٌ
الْمَشْهَدُ الثَّالِثُ: مَشْهَدُ الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَالْحِلْمِ فَإِنَّهُ مَتَى شَهِدَ ذَلِكَ وَفَضْلَهُ وَحَلَاوَتَهُ وَعِزَّتَهُ: لَمْ يَعْدِلْ عَنْهُ إِلَّا لِعَشًى فِي بَصِيرَتِهِ. فَإِنَّهُ «مَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا» كَمَا صَحَّ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعُلِمَ بِالتَّجْرِبَةِ وَالْوُجُودِ. وَمَا انْتَقَمَ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ إِلَّا ذَلَّ.
هَذَا، وَفِي الصَّفْحِ وَالْعَفْوِ وَالْحِلْمِ: مِنَ الْحَلَاوَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالسَّكِينَةِ، وَشَرَفِ النَّفْسِ، وَعِزِّهَا وَرِفْعَتِهَا عَنْ تَشَفِّيهَا بِالِانْتِقَامِ: مَا لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُ فِي الْمُقَابَلَةِ وَالِانْتِقَامِ.

[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الرَّابِعُ مَشْهَدُ الرِّضَا]
فَصْلٌ
الْمَشْهَدُ الرَّابِعُ: مَشْهَدُ الرِّضَا وَهُوَ فَوْقَ مَشْهَدِ الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا لِلنُّفُوسِ الْمُطْمَئِنَّةِ، سِيَّمَا إِنْ كَانَ مَا أُصِيبَتْ بِهِ سَبَبُهُ الْقِيَامُ لِلَّهِ. فَإِذَا كَانَ مَا أُصِيبَ بِهِ

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 303
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست