responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 205
فَهُوَ مُوجِبُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ. فَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِمَا رَضِيَ بِهِ رَبُّهُ، لَمْ يَرْضَ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ. فَلَمْ يَرْضَ بِهِ رَبًّا.
السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ كُلَّ قَدَرٍ يَكْرَهُهُ الْعَبْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ. لَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ عُقُوبَةً عَلَى الذَّنْبِ. فَهُوَ دَوَاءٌ لِمَرَضٍ. لَوْلَا تَدَارُكُ الْحَكِيمِ إِيَّاهُ بِالدَّوَاءِ لَتَرَامَى بِهِ الْمَرَضُ إِلَى الْهَلَاكِ. أَوْ يَكُونَ سَبَبًا لِنِعْمَةٍ لَا تُنَالُ إِلَّا بِذَلِكَ الْمَكْرُوهِ. فَالْمَكْرُوهُ يَنْقَطِعُ وَيَتَلَاشَى. وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ النِّعْمَةِ دَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ. فَإِذَا شَهِدَ الْعَبْدُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ انْفَتَحَ لَهُ بَابُ الرِّضَا عَنْ رَبِّهِ فِي كُلِّ مَا يَقْتَضِيهِ لَهُ وَيُقَدِّرُهُ.
السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ حُكْمَ الرَّبِّ تَعَالَى مَاضٍ فِي عَبْدِهِ، وَقَضَاؤُهُ عَدْلٌ فِيهِ. كَمَا فِي الْحَدِيثِ «مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ» وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِالْعَدْلِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ.
وَقَوْلُهُ: عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، يَعُمُّ قَضَاءَ الذَّنْبِ، وَقَضَاءَ أَثَرِهِ وَعُقُوبَتَهُ. فَإِنَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قَضَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَهُوَ أَعْدَلُ الْعَادِلِينَ فِي قَضَائِهِ بِالذَّنْبِ، وَفِي قَضَائِهِ بِعُقُوبَتِهِ.
أَمَّا عَدْلُهُ فِي الْعُقُوبَةِ: فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا عَدْلُهُ فِي قَضَائِهِ بِالذَّنْبِ: فَلِأَنَّ الذَّنْبَ عُقُوبَةٌ عَلَى غَفْلَتِهِ عَنْ رَبِّهِ. وَإِعْرَاضِ قَلْبِهِ عَنْهُ. فَإِنَّهُ إِذَا غَفَلَ قَلْبُهُ عَنْ رَبِّهِ وَوَلِيِّهِ، وَنَقَصَ إِخْلَاصُهُ: اسْتَحَقَّ أَنْ يُضْرَبَ بِهَذِهِ الْعُقُوبَةِ. لِأَنَّ قُلُوبَ الْغَافِلِينَ مَعْدِنُ الذُّنُوبِ. وَالْعُقُوبَاتُ وَارِدَةٌ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. وَإِلَّا فَمَعَ كَمَالِ الْإِخْلَاصِ وَالذِّكْرِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَذِكْرِهِ، يَسْتَحِيلُ صُدُورُ الذَّنْبِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] .
فَإِنْ قُلْتَ: قَضَاؤُهُ عَلَى عَبْدِهِ بِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ، وَنِسْيَانِهِ إِيَّاهُ، وَعَدَمِ إِخْلَاصِهِ: عُقُوبَةٌ عَلَى مَاذَا؟

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست