responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 121
[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الرَّابِعَةُ اعْتِمَادُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ وَاسْتِنَادُهُ إِلَيْهِ وَسُكُونُهُ إِلَيْهِ]
فَصْلٌ
الدَّرَجَةُ الرَّابِعَةُ: اعْتِمَادُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ، وَاسْتِنَادُهُ إِلَيْهِ، وَسُكُونُهُ إِلَيْهِ.
بِحَيْثُ لَا يَبْقَى فِيهِ اضْطِرَابٌ مِنْ تَشْوِيشِ الْأَسْبَابِ، وَلَا سُكُونٍ إِلَيْهَا، بَلْ يَخْلَعُ السُّكُونَ إِلَيْهَا مِنْ قَلْبِهِ. وَيَلْبَسُهُ السُّكُونُ إِلَى مُسَبِّبِهَا.
وَعَلَامَةُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُبَالِي بِإِقْبَالِهَا وَإِدْبَارِهَا. وَلَا يَضْطَرِبُ قَلْبُهُ وَيَخْفُقُ عِنْدَ إِدْبَارِ مَا يُحِبُّ مِنْهَا، وَإِقْبَالِ مَا يَكْرَهُ؛ لِأَنَّ اعْتِمَادَهُ عَلَى اللَّهِ، وَسُكُونَهُ إِلَيْهِ، وَاسْتِنَادَهُ إِلَيْهِ، قَدْ حَصَّنَهُ مِنْ خَوْفِهَا وَرَجَائِهَا. فَحَالُهُ حَالَ مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ عَدُوٌّ عَظِيمٌ لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ. فَرَأَى حِصْنًا مَفْتُوحًا، فَأَدْخَلَهُ رَبُّهُ إِلَيْهِ. وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَ الْحِصْنِ. فَهُوَ يُشَاهِدُ عَدُوَّهُ خَارِجَ الْحِصْنِ. فَاضْطِرَابُ قَلْبِهِ وَخَوْفُهُ مِنْ عَدُوِّهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَا مَعْنَى لَهُ.
وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْطَاهُ مَلِكٌ دِرْهَمًا، فَسَرَقَ مِنْهُ. فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: عِنْدِي أَضْعَافُهُ. فَلَا تَهْتَمَّ. مَتَى جِئْتُ إِلَيَّ أَعْطَيْتُكَ مِنْ خَزَائِنِي أَضْعَافَهُ. فَإِذَا عَلِمَ صِحَّةَ قَوْلِ الْمَلِكِ، وَوَثِقَ بِهِ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ، وَعَلِمَ أَنَّ خَزَائِنَهُ مَلِيئَةٌ بِذَلِكَ - لَمْ يُحْزِنْهُ فَوْتُهُ.
وَقَدْ مُثِّلَ ذَلِكَ بِحَالِ الطِّفْلِ الرَّضِيعِ فِي اعْتِمَادِهِ وَسُكُونِهِ. وَطُمَأْنِينَتُهُ بِثَدْيِ أُمِّهِ لَا يَعْرِفُ غَيْرَهُ. وَلَيْسَ فِي قَلْبِهِ الْتِفَاتٌ إِلَى غَيْرِهِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: الْمُتَوَكِّلُ كَالطِّفْلِ. لَا يَعْرِفُ شَيْئًا يَأْوِي إِلَيْهِ إِلَّا ثَدْيَ أُمِّهِ، كَذَلِكَ الْمُتَوَكِّلُ لَا يَأْوِي إِلَّا إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ.

[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْخَامِسَةُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ]
فَصْلٌ
الدَّرَجَةُ الْخَامِسَةُ: حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
فَعَلَى قَدْرِ حُسْنِ ظَنِّكَ بِرَبِّكَ وَرَجَائِكَ لَهُ. يَكُونُ تَوَكُّلُكَ عَلَيْهِ. وَلِذَلِكَ فَسَّرَ بَعْضُهُمُ التَّوَكُّلَ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ.
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِهِ يَدْعُوهُ إِلَى التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ. إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ التَّوَكُّلُ عَلَى مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ، وَلَا التَّوَكُّلُ عَلَى مَنْ لَا تَرْجُوهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ السَّادِسَةُ اسْتِسْلَامُ الْقَلْبِ لِلَّهِ]
فَصْلٌ
الدَّرَجَةُ السَّادِسَةُ: اسْتِسْلَامُ الْقَلْبِ لَهُ، وَانْجِذَابُ دَوَاعِيهِ كُلِّهَا إِلَيْهِ، وَقَطْعُ مُنَازَعَاتِهِ.
وَبِهَذَا فَسَّرَهُ مَنْ قَالَ: أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ كَالْمَيِّتِ بَيْنَ يَدِي الْغَاسِلِ،

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست