responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 117
الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَائِبٌ عَنْ نَفْسِهِ بِاللَّهِ. فَلَمْ يَرَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ.
وَأَجْمَعَ الْقَوْمُ عَلَى أَنَّ التَّوَكُّلَ لَا يُنَافِي الْقِيَامَ بِالْأَسْبَابِ. فَلَا يَصِحُّ التَّوَكُّلُ إِلَّا مَعَ الْقِيَامِ بِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ بَطَالَةٌ وَتَوَكُّلٌ فَاسِدٌ.
قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ طَعَنَ فِي الْحَرَكَةِ فَقَدْ طَعَنَ فِي السُّنَّةِ. وَمَنْ طَعَنَ فِي التَّوَكُّلِ فَقَدْ طَعَنَ فِي الْإِيمَانِ.
فَالتَّوَكُّلُ حَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْكَسْبُ سُنَّتُهُ. فَمَنْ عَمِلَ عَلَى حَالِهِ فَلَا يَتْرُكَنَّ سُنَّتَهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ: هُوَ اضْطِرَابٌ بِلَا سُكُونٍ، وَسُكُونٌ بِلَا اضْطِرَابٍ وَقَوْلُ سَهْلٍ أَبْيَنُ وَأَرْفَعُ.
وَقِيلَ: التَّوَكُّلُ قَطْعُ عَلَائِقِ الْقَلْبِ بِغَيْرِ اللَّهِ.
وَسُئِلَ سَهْلٌ عَنِ التَّوَكُّلِ؟ فَقَالَ: قَلْبٌ عَاشَ مَعَ اللَّهِ بِلَا عَلَاقَةٍ.
وَقِيلَ: التَّوَكُّلُ هَجْرُ الْعَلَائِقِ، وَمُوَاصَلَةُ الْحَقَائِقِ.
وَقِيلَ: التَّوَكُّلُ أَنْ يَسْتَوِيَ عِنْدَكَ الْإِكْثَارُ وَالْإِقْلَالُ.
وَهَذَا مِنْ مُوجِبَاتِهِ وَآثَارِهِ، لَا أَنَّهُ حَقِيقَتُهُ.
وَقِيلَ: هُوَ تَرْكُ كُلِّ سَبَبٍ يُوَصِّلُكَ إِلَى مُسَبِّبٍ، حَتَّى يَكُونَ الْحَقُّ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِذَلِكَ.
وَهَذَا صَحِيحٌ مِنْ وَجْهٍ، بَاطِلٌ مِنْ وَجْهٍ. فَتَرْكُ الْأَسْبَابِ الْمَأْمُورُ بِهَا قَادِحٌ فِي التَّوَكُّلِ. وَقَدْ تَوَلَّى الْحَقُّ إِيصَالَ الْعَبْدِ بِهَا. وَأَمَّا تَرْكُ الْأَسْبَابِ الْمُبَاحَةِ فَإِنَّ تَرْكَهَا لِمَا هُوَ أَرْجَحُ مِنْهَا مَصْلَحَةً فَمَمْدُوحٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مَذْمُومٌ.
وَقِيلَ: هُوَ إِلْقَاءُ النَّفْسِ فِي الْعُبُودِيَّةِ، وَإِخْرَاجُهَا مِنَ الرُّبُوبِيَّةِ.
يُرِيدُ اسْتِرْسَالَهَا مَعَ الْأَمْرِ، وَبَرَاءَتَهَا مِنْ حَوْلِهَا وَقُوَّتِهَا، وَشُهُودَ ذَلِكَ بِهَا، بَلْ بِالرَّبِّ وَحْدَهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: التَّوَكُّلُ هُوَ التَّسْلِيمُ لِأَمْرِ الرَّبِّ وَقَضَائِهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ التَّفْوِيضُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ التَّوَكُّلَ بِدَايَةً، وَالتَّسْلِيمَ وَاسِطَةً، وَالتَّفْوِيضَ نِهَايَةً.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ: التَّوَكُّلُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ: التَّوَكُّلُ، ثُمَّ التَّسْلِيمُ، ثُمَّ

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست