responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 405
الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُبِيحُ الْمُتْعَةَ وَلُحُومَ الْحُمُرِ، فَنَاظَرَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَرَوَى لَهُ التَّحْرِيمَيْنِ، وَقَيَّدَ تَحْرِيمَ الْحُمُرِ بِزَمَنِ خَيْبَرَ، وَأَطْلَقَ تَحْرِيمَ الْمُتْعَةِ، وَقَالَ: إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ الْمُتْعَةَ، وَحَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ، كَمَا قَالَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ، فَرَوَى الْأَمْرَيْنِ مُحْتَجًّا عَلَيْهِ بِهِمَا، لَا مُقَيِّدًا لَهُمَا بِيَوْمِ خَيْبَرَ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وَلَكِنْ هَاهُنَا نَظَرٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ حَرَّمَهَا تَحْرِيمَ الْفَوَاحِشِ الَّتِي لَا تُبَاحُ بِحَالٍ، أَوْ حَرَّمَهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا، وَأَبَاحَهَا لِلْمُضْطَرِّ؟ هَذَا هُوَ الَّذِي نَظَرَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: أَنَا أَبَحْتُهَا لِلْمُضْطَرِّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، فَلَمَّا تَوَسَّعَ فِيهَا مَنْ تَوَسَّعَ، وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، أَمْسَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْإِفْتَاءِ بِحِلِّهَا، وَرَجَعَ عَنْهُ. وَقَدْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَرَى إِبَاحَتَهَا، وَيَقْرَأُ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87] [الْمَائِدَةِ: 78] ، فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْهُ قَالَ: ( «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلَا نَخْتَصِي؟ فَنَهَانَا، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ قَرَأَ عبد الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87] » ) [الْمَائِدَةِ: 78] .
وَقِرَاءَةُ عبد الله هَذِهِ الْآيَةَ عَقِيبَ هَذَا الْحَدِيثِ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الرَّدُّ عَلَى مَنْ يُحَرِّمُهَا، وَأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَمَا أَبَاحَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَرَادَ آخِرَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَبَاحَهَا مُطْلَقًا، وَأَنَّهُ مُعْتَدٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا رَخَّصَ فِيهَا لِلضَّرُورَةِ، وَعِنْدَ الْحَاجَةِ فِي الْغَزْوِ، وَعِنْدَ عَدَمِ النِّسَاءِ، وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ. فَمَنْ رَخَّصَ فِيهَا فِي الْحَضَرِ مَعَ كَثْرَةِ النِّسَاءِ، وَإِمْكَانِ النِّكَاحِ الْمُعْتَادِ، فَقَدِ اعْتَدَى، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِمَا رَوَى مسلم فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ جابر،

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست