responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 305
وَلَمَّا رَأَى هَؤُلَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَهَا عَامَ الْفَتْحِ ثُمَّ حَرَّمَهَا قَالُوا: حُرِّمَتْ ثُمَّ أُبِيحَتْ ثُمَّ حُرِّمَتْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا حُرِّمَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ حُرِّمَ إِلَّا الْمُتْعَةَ، قَالُوا: نُسِخَتْ مَرَّتَيْنِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، وَقَالُوا: لَمْ تُحَرَّمْ إِلَّا عَامَ الْفَتْحِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانَتْ مُبَاحَةً. قَالُوا: وَإِنَّمَا جَمَعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ الْإِخْبَارِ بِتَحْرِيمِهَا وَتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُبِيحُهُمَا، فَرَوَى لَهُ علي تَحْرِيمَهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدًّا عَلَيْهِ، وَكَانَ تَحْرِيمُ الْحُمُرِ يَوْمَ خَيْبَرَ بِلَا شَكٍّ، وَقَدْ ذَكَرَ يَوْمَ خَيْبَرَ ظَرْفًا لِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ، وَأَطْلَقَ تَحْرِيمَ الْمُتْعَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِزَمَنٍ، كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي " مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَحَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ» ) ، وَفِي لَفْظٍ: ( «حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ وَحَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ» ) ، هَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ مُفَصَّلًا مُمَيَّزًا، فَظَنَّ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّ يَوْمَ خَيْبَرَ زَمَنٌ لِلتَّحْرِيمَيْنِ فَقَيَّدَهُمَا بِهِ، ثُمَّ جَاءَ بَعْضُهُمْ فَاقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِ الْمُحَرَّمَيْنِ وَهُوَ تَحْرِيمُ الْحُمُرِ، وَقَيَّدَهُ بِالظَّرْفِ، فَمِنْ هَا هُنَا نَشَأَ الْوَهْمُ.
وَقِصَّةُ خَيْبَرَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا الصَّحَابَةُ يَتَمَتَّعُونَ بِالْيَهُودِيَّاتِ، وَلَا اسْتَأْذَنُوا فِي ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَقَلَهُ أَحَدٌ قَطُّ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ، وَلَا كَانَ لِلْمُتْعَةِ فِيهَا ذِكْرٌ الْبَتَّةَ، لَا فِعْلًا وَلَا تَحْرِيمًا، بِخِلَافِ غَزَاةِ الْفَتْحِ؛ فَإِنَّ قِصَّةَ الْمُتْعَةِ كَانَتْ فِيهَا فِعْلًا وَتَحْرِيمًا مَشْهُورَةً، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَصَحُّ الطَّرِيقَتَيْنِ.
وَفِيهَا طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّمْهَا تَحْرِيمًا عَامًا الْبَتَّةَ، بَلْ حَرَّمَهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا، وَأَبَاحَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَهَذِهِ كَانَتْ طَرِيقَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ حَتَّى كَانَ يُفْتِي بِهَا وَيَقُولُ: (هِيَ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، تُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَخَشْيَةِ الْعَنَتِ) ، فَلَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ أَكْثَرُ النَّاسِ ذَلِكَ وَظَنُّوا أَنَّهُ أَبَاحَهَا إِبَاحَةً مُطْلَقَةً، وَشَبَّبُوا فِي ذَلِكَ بِالْأَشْعَارِ، فَلَمَّا رَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ رَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ.

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 305
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست