responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 275
بَيْنَ أبي بصير وَأَصْحَابِهِ وَبَيْنَهُمْ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَ بَيْنَ بَعْضِ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ وَبَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ عَهْدٌ جَازَ لِمَلِكٍ آخَرَ مِنْ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْزُوَهُمْ وَيَغْنَمَ أَمْوَالَهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ، كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي نَصَارَى مَلَطْيَةَ وَسَبْيِهِمْ، مُسْتَدِلًّا بِقِصَّةِ أبي بصير مَعَ الْمُشْرِكِينَ.

[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ الْحِكَمِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا هَذِهِ الْهُدْنَةُ]
فَصْلٌ
فِي الْإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ الْحِكَمِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا هَذِهِ الْهُدْنَةُ
وَهِيَ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُحِيطَ بِهَا إِلَّا اللَّهُ الَّذِي أَحْكَمَ أَسْبَابَهَا، فَوَقَعَتِ الْغَايَةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ وَحَمْدُهُ.
فَمِنْهَا: أَنَّهَا كَانَتْ مُقَدِّمَةً بَيْنَ يَدَيِ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ الَّذِي أَعَزَّ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَجُنْدَهُ، وَدَخَلَ النَّاسُ بِهِ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَكَانَتْ هَذِهِ الْهُدْنَةُ بَابًا لَهُ وَمِفْتَاحًا وَمُؤْذِنًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهَذِهِ عَادَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي الْأُمُورِ الْعِظَامِ الَّتِي يَقْضِيهَا قَدَرًا وَشَرْعًا أَنْ يُوَطِّئَ لَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا مُقَدِّمَاتٍ وَتَوْطِئَاتٍ تُؤْذِنُ بِهَا وَتَدُلُّ عَلَيْهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ هَذِهِ الْهُدْنَةَ كَانَتْ مِنْ أَعْظَمِ الْفُتُوحِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ أَمِنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَاخْتَلَطَ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ، وَبَادَءُوهُمْ بِالدَّعْوَةِ وَأَسْمَعُوهُمُ الْقُرْآنَ، وَنَاظَرُوهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ جَهْرَةً آمِنِينَ، وَظَهَرَ مَنْ كَانَ مُخْتَفِيًا بِالْإِسْلَامِ، وَدَخَلَ فِيهِ فِي مُدَّةَ الْهُدْنَةِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْخُلَ، وَلِهَذَا سَمَّاهُ اللَّهُ فَتْحًا مُبِينًا. قَالَ ابن قتيبة: قَضَيْنَا لَكَ قَضَاءً عَظِيمًا. وَقَالَ مجاهد: هُوَ مَا قَضَى اللَّهُ لَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ.
وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْفَتْحَ - فِي اللُّغَةِ - فَتْحُ الْمُغْلَقِ، وَالصُّلْحُ الَّذِي حَصَلَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِالْحُدَيْبِيَةِ كَانَ مَسْدُودًا مُغْلَقًا حَتَّى فَتَحَهُ اللَّهُ، وَكَانَ مِنْ أَسْبَابِ فَتْحِهِ صَدُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ عَنِ الْبَيْتِ، وَكَانَ فِي الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ ضَيْمًا وَهَضْمًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَفِي الْبَاطِنِ عِزًّا وَفَتْحًا وَنَصْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى مَا وَرَاءَهُ مِنَ الْفَتْحِ الْعَظِيمِ وَالْعِزِّ وَالنَّصْرِ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ رَقِيقٍ، وَكَانَ يُعْطِي الْمُشْرِكِينَ كُلَّ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست