responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 159
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ عكرمة، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ أَنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ - إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ - بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} [آل عمران: 123 - 125] [آلِ عِمْرَانَ: 123 - 125] إِلَى أَنْ قَالَ: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ} [آل عمران: 126] أَيْ: هَذَا الْإِمْدَادَ {إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} [آل عمران: 126] قَالَ هَؤُلَاءِ: فَلَمَّا اسْتَغَاثُوا، أَمَدَّهُمْ بِتَمَامِ ثَلَاثَةِ آلَافٍ، ثُمَّ أَمَدَّهُمْ بِتَمَامِ خَمْسَةِ آلَافٍ لَمَّا صَبَرُوا وَاتَّقَوْا، فَكَانَ هَذَا التَّدْرِيجُ وَمُتَابَعَةُ الْإِمْدَادِ أَحْسَنَ مَوْقِعًا، وَأَقْوَى لِنُفُوسِهِمْ، وَأَسَرَّ لَهَا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مُتَابَعَةِ الْوَحْيِ وَنُزُولِهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.
وَقَالَتِ الْفِرْقَةُ الْأُولَى: الْقِصَّةُ فِي سِيَاقِ أُحُدٍ، وَإِنَّمَا أَدْخَلَ ذِكْرَ بَدْرٍ اعْتِرَاضًا فِي أَثْنَائِهَا، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 121] [آلِ عِمْرَانَ: 121] ، ثُمَّ قَالَ: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123] [آلِ عِمْرَانَ: 123] ، فَذَكَّرَهُمْ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِمْ لَمَّا نَصَرَهُمْ بِبَدْرٍ وَهُمْ أَذِلَّةٌ، ثُمَّ عَادَ إِلَى قِصَّةِ أُحُدٍ، وَأَخْبَرَ عَنْ قَوْلِ رَسُولِهِ لَهُمْ: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ} [آل عمران: 124] ، ثُمَّ وَعَدَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ صَبَرُوا وَاتَّقَوْا، أَمَدَّهُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ، فَهَذَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِهِ، وَالْإِمْدَادُ الَّذِي بِبَدْرٍ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى، وَهَذَا بِخَمْسَةِ آلَافٍ، وَإِمْدَادُ بَدْرٍ بِأَلْفٍ، وَهَذَا مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ، وَذَلِكَ مُطْلَقٌ، وَالْقِصَّةُ فِي (سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ) هِيَ قِصَّةُ أُحُدٍ مُسْتَوْفَاةٌ مُطَوَّلَةٌ، وَبَدْرٌ ذُكِرَتْ فِيهَا اعْتِرَاضًا، وَالْقِصَّةُ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ قِصَّةُ بَدْرٍ مُسْتَوْفَاةٌ مُطَوَّلَةٌ، فَالسِّيَاقُ فِي (آلِ عِمْرَانَ) غَيْرُ السِّيَاقِ فِي الْأَنْفَالِ.
يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ: {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} [آل عمران: 125] [آلِ عِمْرَانَ: 125] قَدْ قَالَ مجاهد: إِنَّهُ يَوْمُ أُحُدٍ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ الْإِمْدَادُ الْمَذْكُورُ فِيهِ،

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست