responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 152
عَذِّبُوا الْمُؤْمِنِينَ لِيَفْتَتِنُوا عَنْ دِينِهِمْ، فَهَذِهِ الْفِتْنَةُ الْمُضَافَةُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ.
وَأَمَّا الْفِتْنَةُ الَّتِي يُضِيفُهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَى نَفْسِهِ، أَوْ يُضِيفُهَا رَسُولُهُ إِلَيْهِ كَقَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [الأنعام: 53] ، وَقَوْلِ مُوسَى: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: 155] [الْأَعْرَافِ: 155] فَتِلْكَ بِمَعْنًى آخَرَ، وَهِيَ بِمَعْنَى الِامْتِحَانِ، وَالِاخْتِبَارِ، وَالِابْتِلَاءِ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ، بِالنِّعَمِ وَالْمَصَائِبِ، فَهَذِهِ لَوْنٌ، وَفِتْنَةُ الْمُشْرِكِينَ لَوْنٌ، وَفِتْنَةُ الْمُؤْمِنِ فِي مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ لَوْنٌ آخَرُ، وَالْفِتْنَةُ الَّتِي يُوقِعُهَا بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ كَالْفِتْنَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا بَيْنَ أَصْحَابِ علي ومعاوية، وَبَيْنَ أَهْلِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ، وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَتَقَاتَلُوا، وَيَتَهَاجَرُوا لَوْنٌ آخَرُ، وَهِيَ الْفِتْنَةُ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي» ) . وَأَحَادِيثُ الْفِتْنَةِ الَّتِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِاعْتِزَالِ الطَّائِفَتَيْنِ، هِيَ هَذِهِ الْفِتْنَةُ.
وَقَدْ تَأْتِي الْفِتْنَةُ مُرَادًا بِهَا الْمَعْصِيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: 49] [التَّوْبَةِ: 49] ، يَقُولُهُ الجد بن قيس، لَمَّا نَدَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ، يَقُولُ: ائْذَنْ لِي فِي الْقُعُودِ وَلَا تَفْتِنِّي بِتَعَرُّضِي لِبَنَاتِ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَإِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنْهُنَّ، قَالَ تَعَالَى: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 49] [التَّوْبَةِ: 49] أَيْ: وَقَعُوا فِي فِتْنَةِ النِّفَاقِ، وَفَرُّوا إِلَيْهَا مِنْ فِتْنَةِ بَنَاتِ الْأَصْفَرِ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَكَمَ بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِهِ بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ، وَلَمْ يُبَرِّئْ أَوْلِيَاءَهُ مِنِ ارْتِكَابِ الْإِثْمِ بِالْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهُ كَبِيرٌ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست