responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 139
كَشَفَ اللَّهُ أَمْرَهُ وَبَيَّنَ خُلَفَاءُ الرُّسُلِ بُطْلَانَهُ وَكَذِبَهُ.

[فصل في أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ غَيْرِ الْمَجُوسِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى]
فَصْلٌ
فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْجِزْيَةِ، أَخَذَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثَلَاثِ طَوَائِفَ: مِنَ الْمَجُوسِ، وَالْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، وَلَمْ يَأْخُذْهَا مِنْ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ. فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَخْذُهَا مِنْ كَافِرٍ غَيْرِ هَؤُلَاءِ، وَمَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ، اقْتِدَاءً بِأَخْذِهِ وَتَرْكِهِ. وَقِيلَ بَلْ تُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ كَعَبَدَةِ الْأَصْنَامِ مِنَ الْعَجَمِ دُونَ الْعَرَبِ، وَالْأَوَّلُ: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وأحمد فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ. وَالثَّانِي: قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وأحمد رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى.
وَأَصْحَابُ الْقَوْلِ الثَّانِي: يَقُولُونَ إِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْهَا مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا نَزَلَ فَرْضُهَا بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَتْ دَارَةُ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مُشْرِكٌ، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَدُخُولِ الْعَرَبِ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَلَمْ يَبْقَ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُشْرِكٌ، وَلِهَذَا غَزَا بَعْدَ الْفَتْحِ تَبُوكَ، وَكَانُوا نَصَارَى، وَلَوْ كَانَ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُشْرِكُونَ، لَكَانُوا يَلُونَهُ، وَكَانُوا أَوْلَى بِالْغَزْوِ مِنَ الْأَبْعَدِينَ.
وَمَنْ تَأَمَّلَ السِّيَرَ، وَأَيَّامَ الْإِسْلَامِ، عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، فَلَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ لِعَدَمِ مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ، لَا لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا، قَالُوا: وَقَدْ أَخَذَهَا مِنَ الْمَجُوسِ، وَلَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ وَلَا يَصِحُّ أَنَّهُ (كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ وَرُفِعَ) وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ، وَلَا يَصِحُّ سَنَدُهُ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عُبَّادِ النَّارِ، وَعُبَّادِ الْأَصْنَامِ بَلْ أَهْلُ الْأَوْثَانِ أَقْرَبُ حَالًا مِنْ عُبَّادِ النَّارِ، وَكَانَ فِيهِمْ مِنَ التَّمَسُّكِ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي عُبَّادِ النَّارِ، بَلْ عُبَّادُ النَّارِ أَعْدَاءُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، فَإِذَا أُخِذَتْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ فَأَخْذُهَا مِنْ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ أَوْلَى، وَعَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي " صَحِيحِ مسلم " أَنَّهُ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست