responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 131
شَجَرُهُمُ الْأَعْنَابُ وَالتِّينُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الثِّمَارِ فِي الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ، حُكْمُهُ حُكْمُ بَلَدٍ شَجَرُهُمُ النَّخْلُ سَوَاءٌ وَلَا فَرْقَ. وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَهُمْ عَنِ الشَّطْرِ، وَلَمْ يُعْطِهِمْ بَذْرًا الْبَتَّةَ، وَلَا كَانَ يُرْسِلُ إِلَيْهِمْ بِبَذْرٍ، وَهَذَا مَقْطُوعٌ بِهِ مِنْ سِيرَتِهِ؛ حَتَّى قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّهُ لَوْ قِيلَ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مِنَ الْعَامِلِ لَكَانَ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لِمُوَافَقَتِهِ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ خَيْبَرَ.
وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَامِلِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَالَّذِينَ شَرَطُوهُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لَيْسَ مَعَهُمْ حُجَّةٌ أَصْلًا أَكْثَرَ مِنْ قِيَاسِهِمُ الْمُزَارَعَةَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، قَالُوا: كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنَ الْمَالِكِ، وَالْعَمَلُ مِنَ الْمُضَارِبِ، فَهَكَذَا فِي الْمُزَارَعَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُسَاقَاةِ يَكُونُ الشَّجَرُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا مِنَ الْآخَرِ، وَهَذَا الْقِيَاسُ إِلَى أَنْ يَكُونَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ أَقْرَبُ مِنْ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لَهُمْ، فَإِنَّ فِي الْمُضَارَبَةِ يَعُودُ رَأْسُ الْمَالِ إِلَى الْمَالِكِ، وَيَقْتَسِمَانِ الْبَاقِيَ، وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ فِي الْمُزَارَعَةِ فَسَدَتْ عِنْدَهُمْ فَلَمْ يُجْرُوا الْبَذْرَ مَجْرَى رَأْسِ الْمَالِ بَلْ أَجْرَوْهُ مَجْرَى سَائِرِ الْبَقْلِ فَبَطَلَ إِلْحَاقُ الْمُزَارَعَةِ بِالْمُضَارَبَةِ عَلَى أَصْلِهِمْ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْبَذْرَ جَارٍ مَجْرَى الْمَاءِ وَمَجْرَى الْمَنَافِعِ، فَإِنَّ الزَّرْعَ لَا يَتَكَوَّنُ وَيَنْمُو بِهِ وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ السَّقْيِ وَالْعَمَلِ، وَالْبَذْرُ يَمُوتُ فِي الْأَرْضِ، وَيُنْشِئُ اللَّهُ الزَّرْعَ مِنْ أَجْزَاءٍ أُخَرَ تَكُونُ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ وَالرِّيحِ وَالشَّمْسِ وَالتُّرَابِ وَالْعَمَلِ، فَحُكْمُ الْبَذْرِ حُكْمُ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَرْضَ نَظِيرُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْقِرَاضِ، وَقَدْ دَفَعَهَا مَالِكُهَا إِلَى الْمُزَارِعِ، وَبَذْرُهَا وَحَرْثُهَا وَسَقْيُهَا نَظِيرُ عَمَلِ الْمُضَارِبِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُزَارِعُ أَوْلَى بِالْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْمُضَارِبِ، فَالَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِقِيَاسِ الشَّرْعِ وَأُصُولِهِ.

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست