responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 269
الْوَدَاعِ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ مِنْ مَكَّةَ؟ هَذَا مُحَالٌ.
وأبو محمد لَمْ يَحُجَّ. وَحَدِيثُ القاسم عَنْهَا صَرِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَهَا فِي مَنْزِلِهِ بَعْدَ النَّفْرِ حَتَّى جَاءَتْ فَارْتَحَلَ وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ فَإِنْ كَانَ حَدِيثُ الأسود هَذَا مَحْفُوظًا، فَصَوَابُهُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُصْعِدَةٌ مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ مُنْهَبِطٌ إِلَيْهَا، فَإِنَّهَا طَافَتْ وَقَضَتْ عُمْرَتَهَا، ثُمَّ أُصْعِدَتْ لِمِيعَادِهِ، فَوَافَتْهُ قَدْ أَخَذَ فِي الْهُبُوطِ إِلَى مَكَّةَ لِلْوَدَاعِ، فَارْتَحَلَ وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ، وَلَا وَجْهَ لِحَدِيثِ الأسود غَيْرُ هَذَا، وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِجَمْعَيْنِ آخَرِينَ، وَهُمَا وَهْمٌ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ طَافَ لِلْوَدَاعِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ بَعَثَهَا، وَقَبْلَ فَرَاغِهَا، وَمَرَّةً بَعْدَ فَرَاغِهَا لِلْوَدَاعِ، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ وَهْمٌ بَيِّنٌ، فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ بَلْ يَزِيدُهُ فَتَأَمَّلْهُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ انْتَقَلَ مِنَ الْمُحَصَّبِ إِلَى ظَهْرِ الْعَقَبَةِ خَوْفَ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي التَّحْصِيبِ، فَلَقِيَتْهُ وَهِيَ مُنْهَبِطَةٌ إِلَى مَكَّةَ، وَهُوَ مُصْعِدٌ إِلَى الْعَقَبَةِ، وَهَذَا أَقْبَحُ مِنَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْعَقَبَةِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى بِالِاتِّفَاقِ. وَأَيْضًا: فَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ.
وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ رَجَعَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ إِلَى الْمُحَصَّبِ، وَأَمَرَ بِالرَّحِيلِ، وَهَذَا وَهْمٌ أَيْضًا، لَمْ يَرْجِعْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَدَاعِهِ إِلَى الْمُحَصَّبِ، وَإِنَّمَا مَرَّ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
وَذَكَرَ فِي بَعْضِ تَآلِيفِهِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ كَالْمُحَلِّقِ عَلَى مَكَّةَ بِدَائِرَةٍ فِي دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ، فَإِنَّهُ بَاتَ بِذِي طُوًى، ثُمَّ دَخَلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمُحَصَّبِ، وَيَكُونُ هَذَا الرُّجُوعُ مِنْ يَمَانِي مَكَّةَ حَتَّى تَحْصُلَ الدَّائِرَةُ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ نَزَلَ بِذِي طُوًى، ثُمَّ أَتَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، ثُمَّ نَزَلَ بِهِ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ جَمِيعِ النُّسُكِ نَزَلَ بِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست