responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 251
الزِّيَارَةَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] [الْحَجِّ: 29] فَمَنْ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُتَمَتِّعًا كَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ عِنْدَهُمْ هَكَذَا فَعَلَ، وَالشَّيْخُ أبو محمد عِنْدَهُ أَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعًا التَّمَتُّعَ الْخَاصَّ، وَلَكِنْ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أبا عبد الله عَلَى هَذَا الطَّوَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ الخرقي، بَلِ الْمَشْرُوعُ طَوَافٌ وَاحِدٌ لِلزِّيَارَةِ كَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِهَا عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَصْحَابِهِ الَّذِينَ تَمَتَّعُوا مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَلَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ أَحَدًا، قَالَ: وَحَدِيثُ عائشة دَلِيلٌ عَلَى هَذَا، فَإِنَّهَا قَالَتْ: " طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى؛ لِحَجِّهِمْ " وَهَذَا هُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَلَمْ تَذْكُرْ طَوَافًا آخَرَ. وَلَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَتْهُ طَوَافَ الْقُدُومِ، لَكَانَتْ قَدْ أَخَلَّتْ بِذِكْرِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْحَجِّ الَّذِي لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ، وَذَكَرَتْ مَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَمَا ذَكَرَتْ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا، فَمِنْ أَيْنَ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى طَوَافَيْنِ؟
وَأَيْضًا، فَإِنَّهَا لَمَّا حَاضَتْ فَقَرَنَتِ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ لِلْقُدُومِ، لَمْ تَطُفْ لِلْقُدُومِ، وَلَا أَمَرَهَا بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَوْ لَمْ يَسْقُطْ بِالطَّوَافِ الْوَاجِبِ لَشُرِعَ فِي حَقِّ الْمُعْتَمِرِ طَوَافُ الْقُدُومِ مَعَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ قُدُومِهِ إِلَى الْبَيْتِ، فَهُوَ بِهِ أَوْلَى مِنَ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي يَعُودُ إِلَى الْبَيْتِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ وَطَوَافِهِ بِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْتُ: لَمْ يَرْفَعْ كَلَامُ أبي محمد الْإِشْكَالَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَنْكَرَهُ هُوَ الْحَقُّ، كَمَا أَنْكَرَهُ وَالصَّوَابُ فِي إِنْكَارِهِ، فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يَقُلْ: إِنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا رَجَعُوا مِنْ عَرَفَةَ، طَافُوا لِلْقُدُومِ وَسَعَوْا، ثُمَّ طَافُوا لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَهُ، وَلَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا لَمْ يَقَعْ قَطْعًا، وَلَكِنْ كَانَ مَنْشَأُ الْإِشْكَالِ أَنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ، فَأَخْبَرَتْ أَنَّ الْقَارِنِينَ طَافُوا بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى طَوَافًا وَاحِدًا، وَأَنَّ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى؛ لِحَجِّهِمْ وَهَذَا غَيْرُ طَوَافِ الزِّيَارَةِ قَطْعًا، فَإِنَّهُ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِيهِ وَلَكِنَّ الشَّيْخَ أبا

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست