responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 161
إِلَى الْحَجِّ، مَعْنَاهُ: تَمَتَّعَ أَصْحَابُهُ، فَأَضَافَ الْفِعْلَ إِلَيْهِ لِأَمْرِهِ بِهِ، فَهَلَّا قُلْتُمْ فِي قَوْلِ عائشة: لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ جِنْسُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ لَبَّوْا بِالْحَجِّ. وَقَوْلِهَا: فَعَلْنَا، كَمَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَافَرْنَا مَعَهُ وَنَحْوِهِ. وَيَتَعَيَّنُ قَطْعًا - إِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ غَلَطًا - أَنْ تُحْمَلَ عَلَى ذَلِكَ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ، أَنَّهَا كَانَتْ أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ وَكَيْفَ يُنْسَبُ عُرْوَةُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْغَلَطِ، وَهُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِهَا وَكَانَ يَسْمَعُ مِنْهَا مُشَافَهَةً بِلَا وَاسِطَةٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ حماد: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: " دَعِي عُمْرَتَكِ "، فَهَذَا إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْلِيلِهِ، وَرَدِّهِ إِذَا خَالَفَ الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةَ عَنْهَا، فَأَمَّا إِذَا وَافَقَهَا وَصَدَّقَهَا، وَشَهِدَ لَهَا أَنَّهَا أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحْفُوظٌ، وَأَنَّ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ ضَبَطَهُ وَحَفِظَهُ، هَذَا مَعَ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ انْفَرَدَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّلَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: فَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ، فَرَوَوْهُ مُتَّصِلًا عَنْ عروة عَنْ عائشة.
فَلَوْ قُدِّرَ التَّعَارُضُ، فَالْأَكْثَرُونَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، فَيَا لَلَّهِ الْعَجَبُ! كَيْفَ يَكُونُ تَغْلِيطُ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِهَا وَهُوَ عروة فِي قَوْلِهِ عَنْهَا: " وَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ " سَائِغًا بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ مُحْتَمَلٍ، وَيُقْضَى بِهِ عَلَى النَّصِّ الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ سِيَاقُ الْقِصَّةِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهَا؟ فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةٌ رَوَوْا عَنْهَا، أَنَّهَا أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ جابر، وعروة، وطاووس، ومجاهد، فَلَوْ كَانَتْ رِوَايَةُ الْقَاسِمِ وعمرة والأسود، مُعَارِضَةً لِرِوَايَةِ هَؤُلَاءِ لَكَانَتْ رِوَايَتُهُمْ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ لِكَثْرَتِهِمْ، وَلِأَنَّ فِيهِمْ جابرا، وَلِفَضْلِ عروة وَعِلْمِهِ بِحَدِيثِ خَالَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وَمِنَ الْعَجَبِ قَوْلُهُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَمَرَهَا أَنْ تَتْرُكَ الطَّوَافَ، وَتَمْضِيَ عَلَى الْحَجِّ، تَوَهَّمُوا لِهَذَا أَنَّهَا كَانَتْ مُعْتَمِرَةً، فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا أَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الْعُمْرَةَ وَتُنْشِئَ إِهْلَالًا بِالْحَجِّ، فَقَالَ لَهَا: " وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ "، وَلَمْ يَقُلِ: " اسْتَمِرِّي عَلَيْهِ "، وَلَا امْضِي فِيهِ، وَكَيْفَ يَغْلَطُ رَاوِي الْأَمْرِ بِالِامْتِشَاطِ بِمُجَرَّدِ مُخَالَفَتِهِ لِمَذْهَبِ الرَّادِّ؟ فَأَيْنَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مَا يُحَرِّمُ عَلَى الْمُحْرِمِ تَسْرِيحَ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست