responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 409
الْأَمْرِ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، وَإِيجَابِ السَّعْيِ إِلَيْهَا وَتَرْكِ الْعِلْمِ الْعَائِقِ عَنْهَا، وَالْأَمْرِ بِإِكْثَارِ ذِكْرِ اللَّهِ لِيَحْصُلَ لَهُمُ الْفَلَاحُ فِي الدَّارَيْنِ، فَإِنَّ فِي نِسْيَانِ ذِكْرِهِ تَعَالَى الْعَطَبَ وَالْهَلَاكَ فِي الدَّارَيْنِ، وَيَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةِ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1] تَحْذِيرًا لِلْأُمَّةِ مِنَ النِّفَاقِ الْمُرَدِّي، وَتَحْذِيرًا لَهُمْ أَنْ تَشْغَلَهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ عَنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَعَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَأَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ خَسِرُوا وَلَا بُدَّ، وَحَضًّا لَهُمْ عَلَى الْإِنْفَاقِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ سَعَادَتِهِمْ، وَتَحْذِيرًا لَهُمْ مِنْ هُجُومِ الْمَوْتِ وَهُمْ عَلَى حَالَةٍ يَطْلُبُونَ الْإِقَالَةَ، وَيَتَمَنَّوْنَ الرَّجْعَةَ وَلَا يُجَابُونَ إِلَيْهَا، وَكَذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ عِنْدَ قُدُومِ وَفْدٍ يُرِيدُ أَنْ يُسْمِعَهُمُ الْقُرْآنَ.
وَكَانَ يُطِيلُ قِرَاءَةَ الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ لِذَلِكَ كَمَا صَلَّى الْمَغْرِبَ بِ (الْأَعْرَافِ) وَبِ (الطُّورِ) وَ (ق) . وَكَانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ بِنَحْوِ مِائَةِ آيَةٍ.
وَكَذَلِكَ كَانَتْ خُطْبَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا هِيَ تَقْرِيرٌ لِأُصُولِ الْإِيمَانِ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَلِقَائِهِ، وَذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ، وَمَا أَعَدَّ لِأَعْدَائِهِ وَأَهْلِ مَعْصِيَتِهِ، فَيَمْلَأُ الْقُلُوبَ مِنْ خُطْبَتِهِ إِيمَانًا وَتَوْحِيدًا، وَمَعْرِفَةً بِاللَّهِ وَأَيَّامِهِ، لَا كَخُطَبِ غَيْرِهِ الَّتِي إِنَّمَا تُفِيدُ أُمُورًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْخَلَائِقِ، وَهِيَ النَّوْحُ عَلَى الْحَيَاةِ، وَالتَّخْوِيفُ بِالْمَوْتِ، فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يَحْصُلُ فِي الْقَلْبِ إِيمَانًا بِاللَّهِ، وَلَا تَوْحِيدًا لَهُ، وَلَا مَعْرِفَةً خَاصَّةً بِهِ، وَلَا تَذْكِيرًا بِأَيَّامِهِ، وَلَا بَعْثًا لِلنُّفُوسِ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ، فَيَخْرُجُ السَّامِعُونَ وَلَمْ يَسْتَفِيدُوا فَائِدَةً غَيْرَ أَنَّهُمْ يَمُوتُونَ، وَتُقَسَّمُ أَمْوَالُهُمْ، وَيُبْلِي التُّرَابُ أَجْسَامَهُمْ، فَيَا لَيْتَ شِعْرِي أَيُّ إِيمَانٍ حَصَلَ بِهَذَا؟ ! وَأَيُّ تَوْحِيدٍ وَمَعْرِفَةٍ وَعِلْمٍ نَافِعٍ حَصَلَ بِهِ؟ .
وَمَنْ تَأَمَّلَ خُطَبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُطَبَ أَصْحَابِهِ، وَجَدَهَا كَفِيلَةً بِبَيَانِ الْهُدَى وَالتَّوْحِيدِ، وَذِكْرِ صِفَاتِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ، وَأُصُولِ الْإِيمَانِ الْكُلَّيَّةِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ، وَذِكْرِ آلَائِهِ تَعَالَى الَّتِي تُحَبِّبُهُ إِلَى خَلْقِهِ، وَأَيَّامِهِ الَّتِي تُخَوِّفُهُمْ مِنْ بَأْسِهِ، وَالْأَمْرِ بِذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ الَّذِي يُحَبِّبُهُمْ إِلَيْهِ، فَيَذْكُرُونَ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ مَا يُحَبِّبُهُ إِلَى خَلْقِهِ، وَيَأْمُرُونَ مِنْ طَاعَتِهِ وَشُكْرِهِ، وَذِكْرِهِ مَا يُحَبِّبُهُمْ إِلَيْهِ، فَيَنْصَرِفُ السَّامِعُونَ وَقَدْ أَحَبُّوهُ وَأَحَبَّهُمْ، ثُمَّ طَالَ الْعَهْدُ وَخَفِيَ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 409
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست