responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفوائد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 6
وَهَذَا غير مَا اتّفقت عَلَيْهِ الرُّسُل ودلّ عَلَيْهِ الْقُرْآن والسنّة وَسَائِر كتب الله تَعَالَى وَهَذَا فِي الْحَقِيقَة إِنْكَار للمعاد وموافقة لقَوْل من أنكرهُ من المكذبين فَإِنَّهُم لم ينكروا قدرَة الله على خلق أجسام أخر غير هَذِه الْأَجْسَام يعذبها وينعمها كَيفَ وهم يشْهدُونَ النَّوْع الإنساني يخلق شَيْئا بعد شَيْء فَكل وَقت يخلق الله سُبْحَانَهُ أجساماً وأرواحاً غير الْأَجْسَام الَّتِي فنيت فَكيف يتعجّبون من شَيْء يشاهدونه عيَانًا وَإِنَّمَا تعجّبوا من عودهم بأعيانهم بعد أَن مزّقهم البلى وصاروا عظاما ورفاتا فتعجّبوا أَن يَكُونُوا هم بأعيانهم مبعوثين للجزاء وَلِهَذَا {قَالُوا أئذا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وعظاماً أئنا لمبعوثون} وَقَالُوا {ذَلِكَ رَجْعٌ بعيد} وَلَو كَانَ الْجَزَاء إِنَّمَا هُوَ لأجسام غير هَذِه ل يكن ذَلِك بعثا وَلَا رجعا بل يكون ابْتِدَاء وَلم يكن لقَوْله {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْض مِنْهُم} كَبِير معنى فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ جعل هَذَا جَوَابا لسؤال مقدّر وَهُوَ أنّه يُمَيّز تِلْكَ الْأَجْزَاء الَّتِي اخْتلطت بِالْأَرْضِ واستحالت إِلَى العناصر بِحَيْثُ لَا تتميّز فَأخْبر سُبْحَانَهُ أَنه قد علم مَا تنقصه الأَرْض من لحومهم وعظامهم وأشعارهم وَأَنه كَمَا هُوَ عَالم بِتِلْكَ الْأَجْزَاء فَهُوَ قَادر على تَحْصِيلهَا وَجَمعهَا بعد تفرّقها وتأليفها خلقا جَدِيدا وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُقرر الْمعَاد بِذكر كَمَال علمه وَكَمَال قدرته وَكَمَال حكمته فَإِن شُبه المنكرين لَهُ كلهَا تعود إِلَى ثَلَاثَة أَنْوَاع أَحدهَا اخْتِلَاط أجزائهم بأجزاء الأَرْض على وَجه لَا يتميّز وَلَا يحصل مَعهَا تميز شخص عَن شخص الثَّانِي أَن الْقُدْرَة لَا تتعلّق بذلك الثَّالِث أَن ذَلِك أَمر لَا فَائِدَة فِيهِ أَو إِنَّمَا الْحِكْمَة اقْتَضَت دوَام هَذَا النَّوْع الإنساني شَيْئا بعد شَيْء هَكَذَا أبدا كلما مَاتَ جيل خَلفه جيل آخر فأمّا أَن يُمِيت النَّوْع الإنساني كُله ثمَّ يحيه بعد ذَلِك فَلَا حِكْمَة فِي ذَلِك فَجَاءَت براهين الْمعَاد فِي الْقُرْآن مبينَة على ثَلَاثَة أصُول أَحدهَا تَقْرِير كَمَال علم الرب سُبْحَانَهُ كَمَا قَالَ فِي جَوَاب من قَالَ من يحي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عليم وَقَالَ {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} وَقَالَ {قَدْ عَلِمْنَا}

نام کتاب : الفوائد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست