responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفوائد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 168
فصل خلق بدن ابْن آدم من الأَرْض وروحه من ملكوت السَّمَاء وَقرن بَينهمَا
فَإِذا أجاع بدنه وأسهره وأقامه فِي الْخدمَة وجدت روحه خفَّة وراحة فتاقت إِلَى الْموضع الَّذِي خلقت مِنْهُ واشتاقت إِلَى عالمها الْعلوِي وَإِذا أشبعه ونعّمه ونومه واشتغل بخدمته وراحته أخلد الْبدن إِلَى الْموضع الَّذِي خلق مِنْهُ فانجذبت الرّوح مَعَه فَصَارَت فِي السجْن فلولا أَنَّهَا ألفت السجْن لاستغاثت من ألم وفارقتها وانقطاعها عَن عالمها الَّذِي خلقت مِنْهُ كَمَا يستغيث المعذّب
وَبِالْجُمْلَةِ فَكَمَا خف الْبدن لطفت الرّوح وَخفت وَطلبت عالمها الْعلوِي وَكلما ثقل وأخلد إِلَى الشَّهَوَات والراحة ثقلت الرّوح وهبطت من عالمها وَصَارَت أرضية سفليّة فترى الرجل روحه فِي الرفيق الْأَعْلَى وبدنه عنْدك فَيكون نَائِما على فرَاشه وروحه عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى تجول حول الْعَرْش وَآخر وَاقِف فِي الْخدمَة بِبدنِهِ وروحه فِي السّفل تجول حول السفليات فَإِذا فَارَقت الرّوح الْبدن التحقت برفيقها الْأَعْلَى أَو الْأَدْنَى فَعِنْدَ الرفيق الْأَعْلَى كل قرّة عين وكل نعيم وسرور وبهجة وَلَذَّة وحياة طيبَة وَعند الرفيق الْأَسْفَل كل هم وغم وضيق وحزن وحياة نكدة ومعيشة ضنك قَالَ تَعَالَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ معيشة ضنكا فذِكْره كَلَامه الَّذِي أنزلهُ على رَسُوله والإعراض عَنهُ ترك تدبره وَالْعَمَل بِهِ والمعيشة الضنك فَأكْثر مَا جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنَّهَا عَذَاب الْقَبْر قَالَه ابْن مَسْعُود وَأَبُو هُرَيْرَة وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَابْن عَبَّاس وَفِيه حَدِيث مَرْفُوع وأصل الضنك فِي اللُّغَة الضّيق والشدة وكل مَا ضَاقَ فَهُوَ ضنك يُقَال منزل ضنك وعيش الضنك فَهَذِهِ الْمَعيشَة الضنك فِي مُقَابلَة التوسيع على النَّفس وَالْبدن بالشهوات وَاللَّذَّات والراحة فَإِن النَّفس كلما وسعت عَلَيْهَا ضيّقت على الْقلب حَتَّى تصير معيشة ضنكا وَكلما ضيّقت عَلَيْهَا وسعت على الْقلب حَتَّى ينشرح وينفسخ فضنك الْمَعيشَة فِي

نام کتاب : الفوائد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست