responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفوائد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 158
أيسر من زَوَال هَذِه الْأَرْبَعَة عَمَّن بلي بهَا وَلَا سِيمَا إِذا صَارَت هيئات راسخة وملكات وصفات ثَابِتَة فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيم لَهُ مَعهَا عمل الْبَتَّةَ وَلَا تزكو نَفسه مَعَ قِيَامهَا بهَا وَكلما اجْتهد فِي الْعَمَل أفسدته عَلَيْهِ هَذِه الْأَرْبَعَة وكل الْآفَات مُتَوَلّدَة مِنْهَا وَإِذا استحكمت فِي الْقلب أرته الْبَاطِل فِي صُورَة الْحق وَالْحق فِي صُورَة الْبَاطِل وَالْمَعْرُوف فِي صُورَة الْمُنكر وَالْمُنكر فِي صُورَة الْمَعْرُوف وَقربت مِنْهُ الدُّنْيَا وبعدت مِنْهُ الْآخِرَة وَإِذا تَأَمَّلت كفر الْأُمَم رَأَيْته ناشئا مِنْهَا وَعَلَيْهَا يَقع الْعَذَاب وَتَكون خفته وشدته بِحَسب خفتها وشدتها فَمن فتحهَا على نَفسه فتح عَلَيْهِ أَبْوَاب الشرور كلهَا عَاجلا وآجلا وَمن أغلقها على نَفسه أغلق عَنهُ أبوب الشرورفاتها تمنع الانقياد وَالْإِخْلَاص وَالتَّوْبَة والإنابة وَقبُول الْحق ونصيحة الْمُسلمين والتواضع لله ولخلقه
ومنشأ هَذِه الْأَرْبَعَة من جَهله بربه وجهله بِنَفسِهِ فَإِنَّهُ لَو عرف ربه بِصِفَات الْكَمَال ونعوت الْجلَال وَعرف نَفسه بالنقائص والآفات لم يتكبر وَلم يغْضب لَهَا وَلم يحْسد أحدا على مَا أَتَاهُ الله فَإِن الْحَسَد فِي الْحَقِيقَة نوع من معاداة الله فَإِنَّهُ يكره نعْمَة الله على عَبده وَقد أحبها الله وَأحب زَوَالهَا عَنهُ وَالله يكره ذَلِك فَهُوَ مضاد لله فِي قَضَائِهِ وَقدره ومحبته وكراهته وَلذَلِك كَانَ إِبْلِيس عدوه حَقِيقَة لِأَن ذَنبه كَانَ عَن كبر وحسد فَقلع هَاتين الصفتين بِمَعْرِِفَة الله وتوحيده وَالرِّضَا بِهِ وَعنهُ والإنابة إِلَيْهِ وَقلع الْغَضَب بِمَعْرِِفَة النَّفس وَأَنَّهَا لَا تسْتَحقّ أَن يغْضب لَهَا وينتقم لَهَا فَإِن ذَلِك إِيثَار لَهَا بِالرِّضَا وَالْغَضَب على خَالِقهَا وفاطرها وَأعظم مَا تدفع بِهِ هَذِه الآفة أَن يعوّدها أَن تغْضب لَهُ سُبْحَانَهُ وترضى لَهُ فَكلما دَخلهَا شَيْء من الْغَضَب وَالرِّضَا لَهُ خرج مِنْهَا مُقَابِله من الْغَضَب وَالرِّضَا لَهَا وَكَذَا بِالْعَكْسِ
وَأما الشَّهْوَة فدواؤها صِحَة الْعلم والمعرفة بِأَن إعطاءها شهواتها أعظم أَسبَاب حرمانها إِيَّاهَا ومنعها مِنْهَا وحميتها أعظم أَسبَاب اتصالها إِلَيْهَا فَكلما فتحت عَلَيْهَا بَاب الشَّهَوَات كنت ساعيا فِي حرمانها إِيَّاهَا وَكلما أغلقت عَنْهَا ذَلِك الْبَاب كنت ساعيا فِي إيصالها إِلَيْهَا على أكمل الْوُجُوه

نام کتاب : الفوائد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست