responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفوائد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 104
السَّعَادَة والرفقة وَفِي حقيقتهما حَتَّى أَن كل طَائِفَة تظن أَن مَا مَعهَا من الْعلم وَالْإِيمَان هُوَ هَذَا الَّذِي بِهِ تنَال السَّعَادَة وَلَيْسَ كَذَلِك بل أَكْثَرهم لَيْسَ مَعَهم إِيمَان يُنجي وَلَا علم يرفع بل قد سدوا على نُفُوسهم طرق الْعلم وَالْإِيمَان اللَّذين جَاءَ بهما الرَّسُول ودعا إِلَيْهِمَا الْأمة وَكَانَ عَلَيْهِمَا هُوَ وَأَصْحَابه من بعده وتابعوهم على منهاجهم وآثارهم
فَكل طَائِفَة اعتقدت أَن الْعلم مَا مَعهَا وفرحت وتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لديهم فَرِحُونَ وَأكْثر مَا عِنْدهم كَلَام وآراء وخرص وَالْعلم وَرَاء الْكَلَام كَمَا قَالَ حمّاد بن زيد قلت لأيوب الْعلم الْيَوْم أَكثر أَو فِيمَا تقدّم فَقَالَ الْكَلَام الْيَوْم أَكثر وَالْعلم فِيمَا تقدم أَكثر
فَفرق هَذَا الراسخ بَين الْعلم وَالْكَلَام فالكتب كَثِيرَة جدا وَالْكَلَام والجدال والمقدرات الذهنية كَثِيرَة وَالْعلم بمعزل عَن أَكْثَرهَا وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول عَن الله قَالَ تَعَالَى
{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ من الْعلم} وَقَالَ
وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَك من لعلم وَقَالَ فِي الْقُرْآن أنزلهُ بِعِلْمِهِ أَي وَفِيه علمه
وَلما بعد الْعَهْد بِهَذَا الْعلم آل الْأَمر بِكَثِير من النَّاس إِلَى أَن اتَّخذُوا هواجس الأفكار وسوانح الخواطر والآراء علما وَوَضَعُوا فِيهَا الْكتب وأنفقوا فِيهَا الأنفاس فضيعوا فِيهَا الزَّمَان وملأوا بهَا الصُّحُف مدادا والقلوب سوادا حَتَّى صرح كثير مِنْهُم أَنه لَيْسَ فِي الْقُرْآن وَالسّنة علم وَأَن أدلتها لفظية لَا تفِيد يَقِينا وَلَا علما وصرخ الشَّيْطَان بِهَذِهِ الْكَلِمَة فيهم وأذَّن بهَا بَين أظهرهم حَتَّى أسمعها دانيهم لقاصيهم فانسلخت بهَا الْقُلُوب من الْعلم وَالْإِيمَان كانسلاخ الْحَيَّة من قشرها وَالثَّوْب عَن لابسه قَالَ الإِمَام الْعَلامَة شمس الدّين ابْن الْقيم وَلَقَد أَخْبرنِي بعض أَصْحَابنَا عَن بعض أَتبَاع أَتبَاع تلاميذ هَؤُلَاءِ أَنه رَآهُ يشْتَغل فِي بعض كتبهمْ وَلم يحفظ الْقُرْآن فَقَالَ لَهُ لَو حفظت الْقُرْآن أَولا كَانَ أولى فَقَالَ وَهل فِي الْقُرْآن علم قَالَ ابْن الْقيم وَقَالَ لي بعض أَئِمَّة هَؤُلَاءِ إِنَّمَا نسْمع الحَدِيث لأجل الْبركَة لَا لنستفيد

نام کتاب : الفوائد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست