responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 160
اللَّوْثِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ شَهَادَةِ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ، بَلْ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ لَهُ بِيَمِينِهِ الْقَائِمَةِ مَقَامَ الشَّهَادَةِ، لِقُوَّةِ جَانِبِهِ، كَمَا حُكِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ، لَمَّا قَوِيَ جَانِبُهُ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، فَقُوَّةُ جَانِبِ هَؤُلَاءِ بِظُهُورِ خِيَانَةِ الْوَصِيَّيْنِ كَقُوَّةِ جَانِبِ الْمُدَّعِي بِالشَّاهِدِ، وَقُوَّةِ جَانِبِهِ بِنُكُولِ خَصْمِهِ، وَقُوَّةِ جَانِبِهِ بِاللَّوْثِ، وَقُوَّةِ جَانِبِهِ بِشَهَادَةِ الْعُرْفِ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ الْمَتَاعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَهَذَا مَحْضُ الْعَدْلِ، وَمُقْتَضَى أُصُولِ الشَّرْعِ، وَمُوجِبُ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ.
وَقَوْلُكُمْ: إنَّ هَذَا يَتَضَمَّنُ الْقَسَامَةَ فِي الْأَمْوَالِ. قُلْنَا: نَعَمْ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَهِيَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ الْقَسَامَةِ فِي الدِّمَاءِ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ ظُهُورِ اللَّوْثِ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ ظُهُورِ اللَّوْثِ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى بِالدَّمِ، وَظُهُورِهِ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى بِالْمَالِ؟ وَهَلْ فِي الْقِيَاسِ أَصَحُّ مِنْ هَذَا؟ وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُ مَالِكٍ الْقَسَامَةَ فِي الْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا أَغَارَ قَوْمٌ عَلَى بَيْتِ رَجُلٍ وَأَخَذُوا مَا فِيهِ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ، وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ مَا أَخَذُوهُ، وَلَكِنْ عُلِمَ أَنَّهُمْ أَغَارُوا وَانْتَهَبُوا، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ مَعَ يَمِينِهِ.
وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ حَبِيبٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَنْهُوبِ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ فِيمَا يُشْبِهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ، وَذَكَرْنَا أَنَّهُ اخْتِيَارُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَحَكَيْنَا كَلَامَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَلَا يَسْتَرِيبُ عَالِمٌ أَنَّ اعْتِبَارَ اللَّوْثِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي تُبَاحُ بِالْبَدَلِ أَوْلَى مِنْهُ فِي الدِّمَاءِ الَّتِي لَا تُبَاحُ بِهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَالدِّمَاءُ يُحْتَاطُ لَهَا؟ .
قِيلَ: نَعَمْ، وَهَذَا الِاحْتِيَاطُ لَمْ يَمْنَعْ الْقَوْلَ بِالْقَسَامَةِ فِيهَا، وَإِنْ اسْتَحَقَّ بِهَا دَمَ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ.
ثُمَّ إنَّ الْمُوجِبِينَ لِلدِّيَةِ فِي الْقَسَامَةِ، حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْقَسَامَةَ عَلَى الْمَالِ وَالْقَتْلِ طَرِيقٌ لِوُجُوبِهِ، فَهَكَذَا الْقَسَامَةُ هَاهُنَا عَلَى مَالٍ، كَالدِّيَةِ سَوَاءٌ، فَهَذَا مِنْ أَصَحِّ الْقِيَاسِ فِي الدِّمَاءِ وَأَبْيَنِهِ. فَظَهَرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مُعَدِّلَ عَنْهُ نَصًّا وَقِيَاسًا وَمَصْلَحَةً، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
81 - (فَصْلٌ)
قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: " هُوَ ضَرُورَةٌ " يَقْتَضِي هَذَا التَّعْلِيلُ قَبُولَهَا فِي كُلِّ ضَرُورَةٍ حَضَرًا وَسَفَرًا. عَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ: يَحْلِفُونَ فِي شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، كَمَا يَحْلِفُونَ عَلَى شَهَادَاتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي وَصِيَّةِ السَّفَرِ، لَكَانَ مُتَوَجِّهًا، وَلَوْ قِيلَ: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ عُدِمَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ، لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ، وَيَكُونُ بَدَلًا مُطْلَقًا.

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست