responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 123
أَوْ عَلَى وَجْهِ الْفَسَادِ، وَكَذَلِكَ وَالِي الْبَلَدِ يُغِيرُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ وَيَنْتَهِبُ ظُلْمًا مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمُغِيرِينَ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلَيْنِ غَصَبَا عَبْدًا فَمَاتَ، لَزِمَ أَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْ الْمَلِيءِ، وَيَتْبَعُ الْمَلِيءُ ذِمَّةَ رَفِيقِهِ الْمُعْدِمِ بِمَا يَنُوبُهُ. وَأَمَّا دَلَالَةُ الْقُرْآنِ عَلَى ذَلِكَ: فَقَالَ شَيْخُنَا قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: لَمَّا ادَّعَى وَرَثَةُ السَّهْمِيِّ الْجَامَ الْمُفَضَّضَ الْمُخَوَّصَ، وَأَنْكَرَ الْوَصِيَّانِ الشَّاهِدَانِ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ جَامٌ، وَظَهَرَ الْجَامُ الْمُدَّعَى، وَذَكَرَ مُشْتَرِيهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ: صَارَ هَذَا لَوْثًا يُقَوِّي دَعْوَى الْمُدَّعِيَيْنِ، فَإِذَا حَلَفَ الْأَوْلَيَانِ بِأَنَّ الْجَامَ كَانَ لِصَاحِبِهِمْ: صُدِّقَا فِي ذَلِكَ. وَهَذَا لَوْثٌ فِي الْأَمْوَالِ، نَظِيرُ اللَّوْثِ فِي الدِّمَاءِ، لَكِنْ هُنَاكَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، بَعْدَ أَنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَصَارَتْ يَمِينُ الْمَطْلُوبِ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا، كَمَا أَنَّهُ فِي الدَّمِ لَا يُسْتَحْلَفُ ابْتِدَاءً، وَفِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ يُعْطَى الْمُدَّعِي بِدَعْوَاهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ حَالِفًا، أَوْ بَاذِلًا لِلْحَلِفِ.
وَفِي اسْتِحْلَافِ اللَّهِ لِلْأُولَيَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي الدَّمِ، حَتَّى تَصِيرَ يَمِينُ الْأُولَيَيْنِ مُقَابِلَةً لِيَمِينِ الْمَطْلُوبَيْنِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «حَلَفَا أَنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ» .
وَفِي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ: «ادَّعَيَا أَنَّهُمَا اشْتَرَيَاهُ مِنْهُ، فَحَلَفَ الْأُولَيَانِ؛ أَنَّهُمَا مَا كَتَمَا وَغَيَّبَا» ، فَكَانَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ كَذِبُهُمَا بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَامٌ رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعِيَيْنِ فِي جَمِيعِ مَا ادَّعَوْا. فَجِنْسُ هَذَا الْبَابِ: أَنَّ الْمَطْلُوبَ إذَا حَلَفَ، ثُمَّ ظَهَرَ كَذِبُهُ: هَلْ يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَشْرُوعَةَ فِي جَانِبِ الْأَقْوَى، فَإِذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْمُدَّعِي فِي الْبَعْضِ وَكَذِبَ الْمَطْلُوبِ: قَوِيَ جَانِبُ الْمُدَّعِي، فَحَلَفَ كَمَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، وَكَمَا يَحْلِفُ صَاحِبُ الْيَدِ الْعُرْفِيَّةِ مُقَدَّمًا عَلَى الْيَدِ الْحِسِّيَّةِ، انْتَهَى.
وَالْحُكْمُ بِاللَّوْثِ فِي الْأَمْوَالِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الدِّمَاءِ، فَإِنَّ طُرُقَ ثُبُوتِهَا أَوْسَعُ مِنْ طُرُقِ ثُبُوتِ الدِّمَاءِ، لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَالنُّكُولِ مَعَ الرَّدِّ، وَبِدُونِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الطُّرُقِ، وَإِذَا حَكَمْنَا بِالْعِمَامَةِ لِمَنْ هُوَ مَكْشُوفُ الرَّأْسِ وَأَمَامَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ وَبِيَدِهِ أُخْرَى وَهُوَ هَارِبٌ: فَإِنَّمَا ذَلِكَ بِاللَّوْثِ الظَّاهِرِ الْقَائِمِ مَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ، وَأَقْوَى مِنْهُمَا بِكَثِيرٍ. وَاللَّوْثُ عَلَامَةُ ظَاهِرٍ لِصِدْقِ الْمُدَّعِي، وَقَدْ اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ فِي اللُّقَطَةِ، وَفِي النَّسَبِ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ إذَا ادَّعَى اثْنَانِ قَتْلَ الْكَافِرِ، وَكَانَ أَثَرُ الدَّمِ فِي سَيْفِ أَحَدِهِمَا أَدَلَّ مِنْهُ فِي سَيْفِ الْآخَرِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَلَى هَذَا: فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ سَرِقَةَ مَالِهِ، فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ لَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ مَعَهُ الْمَسْرُوقُ: حَلَفَ الْمُدَّعِي، وَكَانَتْ يَمِينُهُ أَوْلَى مِنْ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ فِي الْقَسَامَةِ.
وَعَلَى هَذَا، فَلَوْ طَلَبَ مِنْ الْوَالِي أَنْ يَضْرِبَهُ لِيُحْضِرَ بَاقِي الْمَسْرُوقِ فَلَهُ ذَلِكَ.

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست