responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 299
ماء النيل: أَحَدُ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ أَصْلُهُ مِنْ وَرَاءِ جِبَالِ الْقَمَرِ فِي أَقْصَى بِلَادِ الْحَبَشَةِ مِنْ أَمْطَارٍ تَجْتَمِعُ هُنَاكَ، وَسُيُولٍ يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَسُوقُهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ الَّتِي لَا نَبَاتَ لَهَا، فَيُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا، تَأْكُلُ مِنْهُ الْأَنْعَامُ وَالْأَنَامُ، وَلَمَّا كَانَتِ الْأَرْضُ الَّتِي يَسُوقُهُ إِلَيْهَا إِبْلِيزًا صُلْبَةً، إِنْ أُمْطِرَتْ مَطَرَ الْعَادَةِ، لَمْ تُرْوَ، وَلَمْ تَتَهَيَّأْ لِلنَّبَاتِ، وَإِنْ أُمْطِرَتْ فَوْقَ الْعَادَةِ، ضَرَّتِ الْمَسَاكِنَ وَالسَّاكِنَ، وَعَطَّلَتِ الْمَعَايِشَ وَالْمَصَالِحَ، فَأَمْطَرَ الْبِلَادَ الْبَعِيدَةَ، ثُمَّ سَاقَ تِلْكَ الْأَمْطَارَ إِلَى هَذِهِ الْأَرْضِ فِي نَهْرٍ عَظِيمٍ، وَجَعَلَ سُبْحَانَهُ زِيَادَتَهُ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى قَدْرِ رَيِّ الْبِلَادِ وَكِفَايَتِهَا، فَإِذَا أَرْوَى الْبِلَادَ وَعَمَّهَا، أَذِنَ سُبْحَانَهُ بِتَنَاقُصِهِ وَهُبُوطِهِ لِتَتِمَّ الْمَصْلَحَةُ بِالتَّمَكُّنِ مِنَ الزَّرْعِ، وَاجْتَمَعَ فِي هَذَا الْمَاءِ الْأُمُورُ الْعَشْرَةُ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، وَكَانَ مِنْ أَلْطَفِ الْمِيَاهِ وَأَخَفِّهَا وَأَعْذَبِهَا وَأَحْلَاهَا.
مَاءُ الْبَحْرِ: ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» . وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِلْحًا أُجَاجًا مُرًّا زُعَاقًا لِتَمَامِ مَصَالِحِ مَنْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.
مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ، فَإِنَّهُ دَائِمٌ رَاكِدٌ كَثِيرُ الْحَيَوَانِ، وَهُوَ يَمُوتُ فِيهِ كَثِيرًا وَلَا يُقْبَرُ، فَلَوْ كَانَ حُلْوًا لَأَنْتَنَ مِنْ إِقَامَتِهِ وَمَوْتِ حَيَوَانَاتِهِ فِيهِ وَأَجَافَ، وَكَانَ الْهَوَاءُ الْمُحِيطُ بِالْعَالَمِ يَكْتَسِبُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَيَنْتُنُ وَيُجِيفُ، فَيَفْسُدُ الْعَالَمُ، فَاقْتَضَتْ حِكْمَةُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ جَعَلَهُ كَالْمَلَّاحَةِ الَّتِي لَوْ أُلْقِيَ فيه حيف الْعَالِمِ كُلُّهَا وَأَنْتَانُهُ وَأَمْوَاتُهُ لَمْ تُغَيِّرْهُ شَيْئًا، وَلَا يَتَغَيَّرُ عَلَى مُكْثِهِ مِنْ حِينِ خُلِقَ وَإِلَى أَنْ يَطْوِيَ اللَّهُ الْعَالَمَ، فَهَذَا هُوَ السَّبَبُ الْغَائِيُّ الْمُوجِبُ لِمُلُوحَتِهِ. وَأَمَّا الْفَاعِلِيُّ، فَكَوْنُ أرضه سبخة الحة.
وَبَعْدُ فَالِاغْتِسَالُ بِهِ نَافِعٌ مِنْ آفَاتٍ عَدِيدَةٍ فِي ظَاهِرِ الْجِلْدِ، وَشُرْبُهُ مُضِرٌّ بِدَاخِلِهِ وَخَارِجِهِ، فَإِنَّهُ يُطْلِقُ الْبَطْنَ، وَيُهْزِلُ، وَيُحْدِثُ حَكَّةً وَجَرَبًا، وَنَفْخًا وَعَطَشًا، وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى شُرْبِهِ فَلَهُ طُرُقٌ مِنَ الْعِلَاجِ يَدْفَعُ بِهَا مَضَرَّتَهُ.
مِنْهَا: أَنْ يُجْعَلَ فِي قِدْرٍ، وَيُجْعَلَ فَوْقَ الْقِدْرِ قَصَبَاتٌ وَعَلَيْهَا صُوفٌ جَدِيدٌ مَنْفُوشٌ، وَيُوقَدَ تَحْتَ القدر حتى يرتفع بخارها إلى الصوفج فَإِذَا كَثُرَ عَصَرَهُ، وَلَا يَزَالُ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ لَهُ مَا يُرِيدُ، فَيَحْصُلُ فِي الصُّوفِ مِنَ الْبُخَارِ مَا عَذُبَ وَيَبْقَى فِي القدر الزّعاق.

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست