responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 182
وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ، إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ كَلَامِكَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ» [1] .
وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» عَنْ عائشة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، كَانَ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ- يَعْنِي سُنَّتَهَا- اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ [2] .
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الحكمة في النوم على الجانب الأيمن، ألايستغرق النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ، لِأَنَّ الْقَلْبَ فِيهِ مَيْلٌ إِلَى جِهَةِ الْيَسَارِ، فَإِذَا نَامَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، طَلَبَ الْقَلْبُ مُسْتَقَرَّهُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنِ اسْتِقْرَارِ النَّائِمِ وَاسْتِثْقَالِهِ فِي نَوْمِهِ، بِخِلَافِ قَرَارِهِ فِي النَّوْمِ عَلَى الْيَسَارِ، فَإِنَّهُ مُسْتَقَرُّهُ، فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الدَّعَةُ التَّامَّةُ، فَيَسْتَغْرِقُ الْإِنْسَانُ فِي نَوْمِهِ، وَيَسْتَثْقِلُ، فَيَفُوتُهُ مَصَالِحُ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ.
وَلَمَّا كَانَ النَّائِمُ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ، وَالنَّوْمُ أَخُو الْمَوْتِ- وَلِهَذَا يَسْتَحِيلُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَأَهْلُ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ فِيهَا- كَانَ النَّائِمُ مُحْتَاجًا إِلَى مَنْ يَحْرُسُ نَفْسَهُ، وَيَحْفَظُهَا مِمَّا يَعْرِضُ لَهَا مِنَ الْآفَاتِ، وَيَحْرُسُ بَدَنَهُ أَيْضًا مِنْ طَوَارِقِ الْآفَاتِ، وَكَانَ رَبُّهُ وَفَاطِرُهُ تَعَالَى هُوَ الْمُتَوَلِّي لِذَلِكَ وَحْدَهُ. عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّائِمَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَاتِ التَّفْوِيضِ وَالِالْتِجَاءِ، وَالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، لِيَسْتَدْعِيَ بِهَا كَمَالَ حِفْظِ اللَّهِ لَهُ، وَحِرَاسَتِهِ لِنَفْسِهِ وَبَدَنِهِ، وَأَرْشَدَهُ مَعَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَسْتَذْكِرَ الْإِيمَانَ، وَيَنَامَ عَلَيْهِ، وَيَجْعَلَ التَّكَلُّمَ بِهِ آخِرَ كَلَامِهِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا تَوَفَّاهُ اللَّهُ فِي مَنَامِهِ، فَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ آخِرَ كَلَامِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، فَتَضَمَّنَ هَذَا الْهَدْيُ فِي الْمَنَامِ مَصَالِحَ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ، وَالرُّوحِ فِي النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ، وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ نَالَتْ بِهِ أمّته كلّ خير.

[1] أخرجه البخاري في الأدب، ومسلم في الذكر والدعاء.
[2] أخرجه البخاري في التهجير.
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست