responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 155
أَنْ يَكُونَ مَنَعَ نَفْعَهُ بِبَدَنِهِ، فَهُوَ الْجُبْنُ، أَوْ بِمَالِهِ، فَهُوَ الْبُخْلُ، وَقَهْرُ النَّاسِ لَهُ إِمَّا بِحَقٍّ، فَهُوَ ضَلَعُ الدَّيْنِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَهُوَ غَلَبَةُ الرِّجَالِ، فَقَدْ تَضَمَّنَ الْحَدِيثُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَأَمَّا تَأْثِيرُ الِاسْتِغْفَارِ فِي دَفْعِ الْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالضِّيقِ، فَلِمَا اشْتَرَكَ فِي الْعِلْمِ بِهِ أَهْلُ الْمِلَلِ وَعُقَلَاءُ كُلِّ أُمَّةٍ أَنَّ الْمَعَاصِيَ وَالْفَسَادَ تُوجِبُ الْهَمَّ وَالْغَمَّ، وَالْخَوْفَ وَالْحُزْنَ، وَضِيقَ الصَّدْرِ، وَأَمْرَاضَ الْقَلْبِ، حَتَّى إِنَّ أَهْلَهَا إِذَا قَضَوْا مِنْهَا أَوْطَارَهُمْ، وَسَئِمَتْهَا نَفُوسُهُمُ، ارْتَكَبُوهَا دَفْعًا لِمَا يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الضِّيقِ وَالْهَمِّ وَالْغَمِّ، كَمَا قَالَ شَيْخُ الْفُسُوقِ:
وَكَأْسٍ شَرِبْتُ عَلَى لَذَّةٍ ... وَأُخْرَى تَدَاوَيْتُ مِنْهَا بِهَا
وَإِذَا كَانَ هَذَا تَأْثِيرَ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ فِي الْقُلُوبِ، فَلَا دَوَاءَ لَهَا إِلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ، فَشَأْنُهَا فِي تَفْرِيحِ الْقَلْبِ وَتَقْوِيتِهِ، وَشَرْحِهِ وَابْتِهَاجِهِ وَلَذَّتِهِ أَكْبَرُ شَأْنٍ وَفِيهَا مِنَ اتِّصَالِ الْقَلْبِ وَالرُّوحِ بِاللَّهِ، وَقُرْبِهِ وَالتَّنَعُّمِ بِذِكْرِهِ، وَالِابْتِهَاجِ بِمُنَاجَاتِهِ، وَالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتِعْمَالِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَقُوَاهُ وَآلَاتِهِ فِي عُبُودِيَّتِهِ، وَإِعْطَاءِ كُلِّ عُضْوٍ حَظَّهُ مِنْهَا، وَاشْتِغَالِهِ عَنِ التَّعَلُّقِ بِالْخَلْقِ وَمُلَابَسَتِهِمْ وَمُحَاوَرَاتِهِمْ، وَانْجِذَابِ قُوَى قَلْبِهِ وَجَوَارِحِهِ إِلَى رَبِّهِ وَفَاطِرِهِ، وَرَاحَتِهِ مِنْ عَدُوِّهِ حَالَةَ الصَّلَاةِ مَا صَارَتْ بِهِ مِنْ أَكْبَرِ الْأَدْوِيَةِ وَالْمُفَرِّحَاتِ وَالْأَغْذِيَةِ الَّتِي لَا تُلَائِمُ إِلَّا الْقُلُوبَ الصَّحِيحَةَ.
وَأَمَّا الْقُلُوبُ الْعَلِيلَةُ، فَهِيَ كَالْأَبْدَانِ لَا تُنَاسِبُهَا إِلَّا الْأَغْذِيَةُ الْفَاضِلَةُ.
فَالصَّلَاةُ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى تَحْصِيلِ مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَدَفْعِ مَفَاسِدِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهِيَ مَنْهَاةٌ عَنِ الْإِثْمِ، وَدَافِعَةٌ لِأَدْوَاءِ الْقُلُوبِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ، وَمُنَوِّرَةٌ لِلْقَلْبِ، وَمُبَيِّضَةٌ لِلْوَجْهِ، وَمُنَشِّطَةٌ لِلْجَوَارِحِ وَالنَّفْسِ، وجالية لِلرِّزْقِ، وَدَافِعَةٌ لِلظُّلْمِ، وَنَاصِرَةٌ لِلْمَظْلُومِ، وَقَامِعَةٌ لِأَخْلَاطِ الشَّهَوَاتِ، وَحَافِظَةٌ لِلنِّعْمَةِ، وَدَافِعَةٌ لِلنِّقْمَةِ، وَمُنْزِلَةٌ لِلرَّحْمَةِ، وَكَاشِفَةٌ لِلْغُمَّةِ، وَنَافِعَةٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَوْجَاعِ الْبَطْنِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي «سُنَنِهِ» مِنْ حَدِيثِ مجاهد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا نَائِمٌ أَشْكُو مِنْ وَجَعِ بَطْنِي، فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشِكَمَتْ دَرْدْ؟» قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «قُمْ فَصَلِّ، فَإِنَّ فِي

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست