responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 112
بِالِانْصِرَافِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَقَالَ: «الشُّؤْمُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ. قَالُوا:
وَهَذَا كُلُّهُ مُخْتَلِفٌ لا يشبه بعضه بعا.
قَالَ أبو محمد: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ، وَلِكُلِّ مَعْنًى مِنْهَا وَقْتٌ وَمَوْضِعٌ، فَإِذَا وُضِعَ مَوْضِعَهُ زَالَ الِاخْتِلَافُ.
وَالْعَدْوَى جِنْسَانِ: أَحَدُهُمَا: عَدْوَى الْجُذَامِ، فَإِنَّ الْمَجْذُومَ تَشْتَدُّ رَائِحَتُهُ حَتَّى يُسْقِمَ مَنْ أَطَالَ مُجَالَسَتَهُ وَمُحَادَثَتَهُ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَكُونُ تَحْتَ الْمَجْذُومِ، فَتُضَاجِعُهُ فِي شِعَارٍ وَاحِدٍ، فَيُوصِلُ إِلَيْهَا الْأَذَى، وَرُبَّمَا جُذِمَتْ، وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ يَنْزِعُونَ فِي الْكِبَرِ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ بِهِ سِلٌّ وَدِقٌّ وَنُقْبٌ. وَالْأَطِبَّاءُ تَأْمُرُ أَنْ لَا يُجَالَسَ الْمَسْلُولُ وَلَا الْمَجْذُومُ، وَلَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ مَعْنَى الْعَدْوَى، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ مَعْنَى تَغَيُّرِ الرَّائِحَةِ، وَأَنَّهَا قَدْ تُسْقِمُ مَنْ أَطَالَ اشْتِمَامَهَا، وَالْأَطِبَّاءُ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنِ الْإِيمَانِ بِيُمْنٍ وَشُؤْمٍ، وَكَذَلِكَ النُّقْبَةُ تَكُونُ بِالْبَعِيرِ- وَهُوَ جَرَبٌ رَطْبٌ- فَإِذَا خَالَطَ الْإِبِلَ أَوْ حَاكَّهَا، وَأَوَى فِي مَبَارِكِهَا، وَصَلَ إِلَيْهَا بِالْمَاءِ الَّذِي يَسِيلُ مِنْهُ، وَبِالنَّطَفِ نَحْوَ مَا بِهِ، فَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُورَدُ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ» ، كَرِهَ أَنْ يُخَالِطَ الْمَعْيُوهُ الصَّحِيحَ، لِئَلَّا يَنَالَهُ مِنْ نَطَفِهِ وَحِكَّتِهِ نَحْوٌ مِمَّا بِهِ.
قَالَ: وَأَمَّا الْجِنْسُ الْآخَرُ مِنَ الْعَدْوَى، فَهُوَ الطَّاعُونُ يَنْزِلُ بِبَلَدٍ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ خَوْفَ الْعَدْوَى، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَقَعَ بِبَلَدٍ، وَأَنْتُمْ بِهِ، فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ بِبَلَدٍ، فَلَا تَدْخُلُوهُ» . يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: لَا تَخْرُجُوا مِنَ الْبَلَدِ إِذَا كَانَ فِيهِ كَأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْفِرَارَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ يُنْجِيكُمْ مِنَ اللَّهِ، وَيُرِيدُ إِذَا كَانَ بِبَلَدٍ، فَلَا تَدْخُلُوهُ، أَيْ: مَقَامُكُمْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا طَاعُونَ فِيهِ أَسْكَنُ لِقُلُوبِكُمْ، وَأَطْيَبُ لِعَيْشِكُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ تُعْرَفُ بِالشُّؤْمِ أَوِ الدَّارُ، فَيَنَالُ الرَّجُلَ مَكْرُوهٌ أَوْ جَائِحَةٌ، فَيَقُولُ:
أَعَدَتْنِي بِشُؤْمِهَا، فَهَذَا هُوَ الْعَدْوَى الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا عَدْوَى» «1»
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى: بَلِ الْأَمْرُ بِاجْتِنَابِ الْمَجْذُومِ وَالْفِرَارِ مِنْهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَالِاخْتِيَارِ، وَالْإِرْشَادِ. وَأَمَّا الْأَكْلُ مَعَهُ، فَفَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ.
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى: بَلِ الْخِطَابُ بِهَذَيْنِ الْخِطَابَيْنِ جُزْئِيٌّ لَا كُلِّيٌّ، فَكُلُّ وَاحِدٍ خَاطَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ، فَبَعْضُ النَّاسِ يكون قويّ الإيمان، قويّ التوكل

(1) أخرجه الإمام مالك، والبخاري في النكاح، ومسلم في السلام والترمذي
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 112
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست