responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 283
فصل
واعلم أن من اتقى الله فى طلاقة، فطلق كما أمره الله ورسوله، وشرعه له. أغناه عن ذلك كله، ولهذا قال تعالى، بعد أن ذكر حكم الطلاق المشروع: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق: 2] .
فلو اتقى الله عامة المطلقين لاستغنوا بتقواه عن الآصار والأغلال، والمكر والاحتيال، فإن الطلاق الذى شرعه الله سبحانه: أن يطلقها طاهراً من غير جماع، ويطلقها واحدة، ثم يدعها حتى تنقضى عدتها. فإن بدا له أن يمسكها فى العدة أمسكها، وإن لم يراجعها حتى انقضت عدتها أمكنه أن تستقبل عليها من غير زوج آخر، وإن لم يكن له فيها غرض لم يضره أن تتزوج بزوج غيره، فمن فعل هذا لم يندم، ولم يحتج إلى حيلة بزوج ولا تحليل.
ولهذا سئل ابن عباس عن رجل طلق امرأته مائة؟ فقال: "عصيت ربك، وفارقت امرأتك، لم تتق الله فيجعل لك مخرجاً".
وقال سعيد بن جبير: "جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: إنى طلقت امرأتى ألفا، فقال: أما ثلاث فتحرم عليك امرأتك، وبقيتهن وزر، اتخذت آيات الله هزوا".
وقال مجاهد: "كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل، فقال: إنه طلق امرأته ثلاثا. فسكت، حتى ظننت أنه رادّها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الأحموقة، ثم يقول: يا ابن عباس، يا ابن عباس، وإن الله تعالى قال: {وَمَنْ يَتَّق اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق: 2] ، وإنك لم تتق الله، فلا أجد لك مخرجاً، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، ذكره أبو داود.
وقد روى النسائى عن محمود بن لبيد قال: " أُخْبِرَ رسُولُ الله صلى اللهُ عليه وَسلم عَنْ رَجُلٍ طَلّقَ امْرأَتَهُ ثَلاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعاً، فقَامَ غَضْبَانَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُلْعَبُ بِكِتَاب اللهِ وَأَنَآ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ حَتَّى قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلا أَقْتُلهُ؟ ".
وهذه الآثار موافقة لما دل عليه القرآن، فإن الله سبحانه إنما شرع الطلاق مرة بعد مرة. ولم يشرعه جملة واحدة أصلاً. قال تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ، والمرتان فى لغة العرب، بل وسائر لغات الناس إنما تكون لما يأتى مرة بعد مرة، فهذا القرآن من أوله إلى

نام کتاب : إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست