responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 90
الْإِمَامُ خَطِيبُ جَامِعِ دِمَشْقَ عِزُّ الدِّينِ الْفَارُوقِيُّ قَالَ: كَانَ وَالِدِي يَرَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَيُفْتِي بِهَا بِبَغْدَادَ.
وَأَمَّا أَهْلُ الْمَغْرِبِ فَتَوَاتَرَ عَمَّنْ يَعْتَنِي بِالْحَدِيثِ وَمَذَاهِبِ السَّلَفِ مِنْهُمْ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِهَا، وَأُوذِيَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَضُرِبَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فَتْوَى الْقَفَّالِ فِي قَوْلِهِ: " الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي " أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، وَإِنْ نَوَاهُ، وَذَكَرْنَا فَتَاوَى أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ، وَحِكَايَتَهُمْ إيَّاهُ عَنْ الْإِمَامِ نَصًّا، وَذَكَرْنَا فَتْوَى أَشْهَبَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ " إنْ خَرَجْت مِنْ دَارِي أَوْ كَلَّمْت فُلَانًا - وَنَحْوَ ذَلِكَ - فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَفَعَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَالِمَانِ مُتَحَلِّيَانِ بِالْإِنْصَافِ أَنَّ اخْتِيَارَاتِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لَا تَتَقَاصَرُ عَنْ اخْتِيَارَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ بَلْ وَشَيْخُهُمَا أَبِي يَعْلَى، فَإِذَا كَانَتْ اخْتِيَارَاتُ هَؤُلَاءِ، وَأَمْثَالُهُمْ وُجُوهًا يُفْتَى بِهَا فِي الْإِسْلَامِ وَيْحَكُمْ بِهَا الْحَاكِمُ فَلِاخْتِيَارَاتِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أُسْوَةٌ بِهَا إنْ لَمْ تُرَجَّحْ عَلَيْهَا، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

[فَصَلِّ الْفَتْوَى بِالْآثَارِ السَّلَفِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الصَّحَابِيَّةِ]
فَصْلٌ:
[الْقَوْلُ فِي جَوَازِ الْفَتْوَى بِالْآثَارِ السَّلَفِيَّةِ]
فِي جَوَازِ الْفَتْوَى بِالْآثَارِ السَّلَفِيَّةِ وَالْفَتَاوِي الصَّحَابِيَّةِ، وَأَنَّهَا أَوْلَى بِالْأَخْذِ بِهَا مِنْ آرَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَفَتَاوِيهمْ، وَأَنَّ قُرْبَهَا إلَى الصَّوَابِ بِحَسَبِ قُرْبِ أَهْلِهَا مِنْ عَصْرِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَنَّ فَتَاوَى الصَّحَابَةِ أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهَا مِنْ فَتَاوَى التَّابِعِينَ، وَفَتَاوَى التَّابِعِينَ أَوْلَى مِنْ فَتَاوَى تَابِعِي التَّابِعِينَ، وَهَلُمَّ جَرًّا وَكُلَّمَا كَانَ الْعَهْدُ بِالرَّسُولِ أَقْرَبَ كَانَ الصَّوَابُ أَغْلَبَ، وَهَذَا حُكْمٌ بِحَسَبِ الْجِنْسِ لَا بِحَسَبِ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْ الْمَسَائِلِ، كَمَا أَنَّ عَصْرَ التَّابِعِينَ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عَصْرِ تَابِعِيهِمْ فَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْجِنْسِ لَا بِحَسَبِ كُلِّ شَخْصٍ شَخْصٌ، وَلَكِنْ الْمُفَضَّلُونَ فِي الْعَصْرِ الْمُتَقَدِّمِ أَكْثَرُ مِنْ الْمُفَضَّلِينَ فِي الْعَصْرِ الْمُتَأَخِّرِ، وَهَكَذَا الصَّوَابُ فِي أَقْوَالِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ الصَّوَابِ فِي أَقْوَالِ مَنْ بَعْدِهِمْ؛ فَإِنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ عُلُومِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ كَالتَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَهُمْ فِي الْفَضْلِ وَالدِّينِ، وَلَعَلَّهُ لَا يَسَعَ الْمُفْتِيَ وَالْحَاكِمَ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يُفْتِيَ وَيَحْكُمَ بِقَوْلِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مُقَلِّدِي الْأَئِمَّةِ وَيَأْخُذَ بِرَأْيِهِ وَتَرْجِيحِهِ وَيَتْرُكَ الْفَتْوَى وَالْحُكْمَ بِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ، وَأَمْثَالِهِمْ، بَلْ يَتْرُكُ قَوْلَ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَأَمْثَالِهِمْ، بَلْ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست